مصطفى وهبي بن صالح المصطفى اليوسف التل، المشهور ب(عرار). أشهر شعراء الأردن على الإطلاق، وواحد من فحول الشعر العربي المعاصر. في شعره جودة ورصانة، ومناهضة للظلم ومقارعة للاستعمار. كان يتقن التركية والفارسية، وله فيهما آثار، أهمها ترجمة رباعيات الخيام. وله اشتغال في اللغة والأدب، و(أمال) و(مقالات) تدل على اطلاع واسع على آداب الأمم. مولده في إربد، شمال الأردن، من أسرة كانت لها مكانة عند الولاة في العهد العثماني وما تلاه، وهو والد وصفي التل رئيس وزراء الأردن الأسبق. اختار لقب (عرار) من قول الشاعر عمرو بن شأس الأسدي في ابنه عرار، وكان قد لقي الأذى من ضرة أمه: أرادت عراراً بالهوان ومن يرد عراراً لعمري بالهوان فقد ظلم وتلقى تعليمه في (مكتب عنبر) بدمشق، ولما كانت حوادث عام 1920 نفي فيمن نفي من طلابه إلى حلب، فأتم فيها دراسته، وعاد وانخرط فيما بعد في الأعمال الحكومية، وعين حاكماً إداريا في الشوبك ووادي موسى، واشتهر هناك بمناصرته للنور (الغجر) وتوطدت صلته بهم، فانقطع إليهم، وسمى ديوانه باسم واديهم: (عشيات وادي اليابس) وخصهم بروائع شعره، وشرح ذلك في رسالة سماها (أصدقائي النور)، والتفت حياته بالحزن واليأس، وسجن ونفي غير مرة، وكان طويلاً هزيلاً معروق العظام ميّالاً إلى تطويل شعره تأسياً بعمر الخيام، وقد عرّف نفسه بقوله: (وإني في حياتي الطروبة أفلاطوني الطريقة، أبيقوري المذهب، خيامي المشرب، ديوجيني المسلك...غير حاسب لأحد غير الله حساباً... الحسن بنظري مصدر كل خير، والخير عندي أصل كل لذة). ومما كتب في سيرته (عرار شاعر الأردن) ليعقوب العودات، و(عرار الشاعر اللامنتمي) لأحمد أبو مطر، و(الشاعر مصطفى وهبي التل: حياته وشعره) لكمال فحماوي، و(على هامش العشيات) لزياد الزعبي.
الأبيات 79
متى يا حلوة النظرات والبسمات والإيماء والخطر | |
متى أملي على الآلام والحدثان والدهر | |
أحاديث الهوى العذري | |
متى | |
من لي بأن أدري | |
متى عن فتنة الكحل | |
وسحر الأعين النجل | |
وقد أرهقنها يا حلوة النظرات تزويقا | |
فجاءت فوق ما يرجوه معنى الحسن تحقيقا | |
سيجلو الجؤذر الوسنان للإنسان | |
سر النظرة الحلوة | |
وما فيها من النشوه | |
وما في النظرة الشزره والتقطيب من سحر | |
متى | |
يا ليتني أدري | |
متى رجراجة الكفلين يا وثابة النهد | |
متى أعدو على الوجنات أَلثمها وأستعدي | |
عليها إن هي امتقعت حياء حمرة الخد | |
متى يا حلوة الخطرات يا مياسة القد | |
يحل محل هذا النأي والتشريد والبعد | |
لقاء | |
صه فلن يجدي | |
تساؤل عاثر الجد | |
وقل لبلابل الصدر | |
صهي حتى متى تتساءلين | |
لا أدري | |
لقد هل الهلال ابن اثنتين فمن منكم رأى طيفه | |
قبيل تقدم السجان يوصد كوة الغرفة | |
أجاء العيد وابتهج الصغار وأبهجوا قصفه | |
فهذا نافخ بوقاً وهذا ضارب دفه | |
إذن لعبوا إذن لعبوا | |
إذن قفزوا إذن وثبوا | |
كما يثب الغزال الغر وهو يطارد الخشفة | |
وكم زحلوقة زلوا | |
لها العينان تنهل | |
يقوم حيالها طفل | |
ومنها حظه اللهفة | |
وكم تحفة | |
وكم طرفة | |
يمر بها ويرمقها | |
ولكن مغضياً طرفه | |
كما تغضين إذ أرجوك من عذب اللمى رشفه | |
متى يا ربعة القامة | |
متى هذا الذي تامه | |
هواك يراك | |
لا أدري | |
متى يا آية الآيات في تصفيفك الشعرا | |
متى سيتاح لي أن أستميح رجاءك العذرا | |
غداة رغبت أن أبقى لديك دقيقة اخرى | |
ولكني لفرط حماقتي لم أستطع صبرا | |
وسارعت الخطى سراً | |
كأني مجرم فرا | |
ولا تسلي إِلى أين | |
إلى حيث الخداع يعانق النكران والغدرا | |
متى يا حلوة النظرات يا عربيدة الجيد | |
متى سيتاح لي تقبيل تلك الأعين السود | |
متى سيتاح | |
لا أدري | |
لقد عم المساء ولفعت آفاقنا سدفة | |
وحيانا وجوم لم يزل يعتادنا من ليلة الوقفة | |
ومزق صمتنا قيد تثاءب موقظاً رسفه | |
ووصفي هب يغدق من سجائره بلا كلفة | |
هلم انظريني من الثقوب أليس للشعري | |
ولا للطائر النسري | |
بما يبدو لعينك من سماء السجن من ذكر | |
كما عاجت بنا هذا المساء بها لقد عاجت | |
آي الذكرى | |
وإني واثق من أَنها في هذه الساعة | |
ومن خلف الزجاج بأعين وكفاء دماعة | |
إلى الشعري العبور ترقرق العينين في لهفة | |
عسى أن يلتقي طرفي هناك بطرفها صدفة | |
متى يا حلوة النظرة | |
يكف زماننا عنا | |
ولو في عمره مرة | |
أذاه ونكتفي شره | |
متى | |
من لي بأن أدري | |
متى | |
يا ليتني أدري |
قصائد أخرى لمصطفى التل عرار
القصيدة من أشهر قصائد عرار، في ديوانه (عشيات وادي اليابس) انظر ما نشرته اليوم في نافذة من التراث عن وادي اليابس في مقالة بعنوان (السفياني ووادي اليابس) وأخرى بعنوان (مناجاة وادي اليابس) وفي هذه القصيدة قوله يخاطب نورية من نور