حَيِّ الدِّيَارَ عَلَى سَفْيِ الْأَعَاصِيرِ
الأبيات 46
حَــيِّ الـدِّيَارَ عَلَـى سـَفْيِ الْأَعَاصـِيرِ أَســـْتَنْكَرَتْنِيَ أَمْ ضــَنَّتْ بِتَخْبِيــرِي
حَـيِّ الـدِّيَارَ الَّتِـي بَلَّـى مَعَارِفَهَـا كُـلَّ الْبِلَـى نَفَيَـانُ الْقَطْـرِ وَالْمُورِ
هَـلْ أَنْـتِ ذَاكِـرَةٌ عَهْـداً عَلَـى قِـدَمٍ أُسـْقِيتِ مِـنْ صـَبَلِ الْغُـرِّ الْمَبَـاكِيرِ
هَلْ تَعْرِفُ الرَّبْعَ إِذْ فِي الرَّبْعِ عَامِرُهُ فَـالْيَوْمَ أَصـْبَحَ قَفْـراً غَيْـرَ مَعْمُـورِ
أَوْ تُبْصـِرَانِ سـَنَا بَـرْقٍ أَضـَاءَ لَنَـا رَمْـلَ السـُّمَيْنَةِ ذَا الْأَنْقَـاءِ وَالدُّورِ
مَـا حَاجَـةٌ لَكَ فِي الظُّعْنِ الَّتِي بَكَرَتْ مِـنْ دَارَةِ الْجَـأْبِ كَالنَّخْلِ الْمَوَاقِيرِ
كَـادَ التَّـذَكُّرُ يَـوْمَ الْبَيْـنِ يَشْعَفُنِي إِنَّ الْحَلِيــمَ بِهَــذَا غَيْــرُ مَعْـذُورِ
مَــاذَا أَرَدْتَ إِلَـى رَبْـعٍ وَقَفْـتَ بِـهِ هَــلْ غَيْــرُ شـَوْقٍ وَأَحْـزَانٍ وَتَـذْكِيرِ
مَــا كُنْــتَ أَوَّلَ مَحْــزُونٍ أَضـَرَّ بِـهِ بَــرْحُ الْهَـوَى وَعَـذَابٌ غَيْـرُ تَفْتِيـرِ
تَبِيــتُ لَيْلَــكَ ذَا وَجْــدٍ يُخَــامِرُهُ كَـأَنَّ فِـي الْقَلْـبِ أَطْـرَافَ الْمَسَامِيرِ
يَــا أُمَّ حَــرْزَةَ إِنَّ الْعَهْــدَ زَيَّنَـهُ وُدٌّ كَرِيـــمٌ وَســـِرٌّ غِيــرُ مَنْثُــورِ
حَيَّيْـــتِ شــُعْثاً وَأَطْلَاحــاً مُخَدَّمَــةً وَالْمَيْــسَ مَنْقُوشـَةً نَقْـشَ الـدَّنَانِيرِ
هَـلْ فِـي الْغَوَانِي لِمَنْ قَتَّلْنَ مِنْ قَوَدٍ أَوْ مِـنْ دِيَـاتٍ لِقَتْـلِ الْأَعْيُـنِ الْحُورِ
يَجْمَعْـنَ خُلْفـاً وَمَوْعُـوداً بَخِلْـنَ بِـهِ إِلَــــى جَمَـــالٍ وَإِدْلَالٍ وَتَصـــْوِيرِ
أَمَّــا يَزِيــدُ فَــإِنَّ اللَّــهَ فَهَّمَـهُ حُكْمـاً وَأَعْطَـاهُ مُلْكـاً وَاضـِحَ النُّورِ
سـِرْنَا مِـنَ الدَّامِ وَالرَّوْحَانِ وَالْأُدَمَى تَنْـوِي يَزِيـدَ يَزِيـدَ الْمَجْـدِ وَالْخَيْرِ
عِيدِيَّــةٌ بِرِحَــالِ الْمَيْــسِ تَنْسـُجُهَا حَتَّــى تَفَــرَّجَ مَـا بَيْـنَ الْمَسـَامِيرِ
خُـوصُ الْعُيُـونِ إِذَا اسـْتَقْبَلْنَ هَاجِرَةً يُحْسـَبْنَ عُـوراً وَمَـا فِيهِـنَّ مِـنْ عُورِ
تَخْـدِي بِنَـا الْعِيسُ وَالْحِرْبَاءُ مُنْتَصِبٌ وَالشــَّمْسُ وَالِجَــةٌ ظِــلَّ الْيَعَـافِيرِ
مِـنْ كُـلِّ شَوْسـَاءَ لَمَّـا خُـشَّ نَاظِرُهَـا أَدْنَــتْ مُـذَمَّرَهَا مِـنْ وَاسـِطِ الْكُـورِ
مَــا كَــادَ تَبْلُـغُ أَطْلَاحٌ أَضـَرَّ بِهَـا بُعْـدُ الْمَفَـاوِزِ بَيْـنَ الْبِشْرِ وَالنِّيرِ
مِـنَ الْمَهَـارِي الَّتِي لَمْ يُفْنِ كِدْنَتَهَا كَـرُّ الرَّوَايَـا وَلَمْ يُحْدَجْنَ فِي الْعِيرِ
صـَبَّحْنَ فِـي الرَّكْـبِ إِنَّ الرَّكْبَ قَحَّمَهُمْ خِمْــسٌ جَمُــوحٌ فَهَــذَا وِرْدُ تَبْكِيــرِ
قَفْـرَ الْجَبَـا لَا تَـرَى إِلَّا الْحَمَامَ بِهِ مِـــنَ الْأَنِيــسِ خَلَاءً غَيْــرَ مَحْضــُورِ
تَنْفِـي دِلَاءُ سـُقَاةِ الْقَـوْمِ إِذْ وَرَدُوا كَالْغِسـْلِ عَـنْ جَـمِّ طَـامٍ غَيْـرِ مَجْهُورِ
كَــأَنَّ لَوْنـاً بِـهِ مِـنْ زَيْـتِ سـَامِرَةَ وَلَــوْنَ وَرْدٍ مِــنَ الْحِنَّــاءِ مَعْصـُورِ
لَمَّـا تَشـَوَّقَ بَعْـضُ الْقَـوْمِ قُلـتُ لَهُمْ أَيْـنَ الْيَمَامَـةُ مِـنْ عَيْـنِ السَّوَاجِيرِ
زُورُوا يَزِيــدَ فَــإِنَّ اللَّــهَ فَضـَّلَهُ وَاسْتَبْشـِرُوا بِمَرِيـعِ النَّبْـتِ مَحْبُـورِ
لَا تَسـْأَمُوا لِلْمَطَايَـا مَـا سَرَيْنَ بِكُمْ وَاسْتَبْشــِرُوا بِنَــوَالٍ غَيْـرِ مَنْـزُورِ
وَاســْتَمْطِرُوا نَفَحَــاتٍ غَيْـرَ مُخْلِفَـةٍ مِـنْ سـَيْبِ مُسْتَبْشـِرٍ بِالْمُلْـكِ مَسـرُورِ
سـِرْنَا عَلَـى ثِقَـةٍ حَتَّـى نَزَلْـتُ بِكُـمْ مُسْتَبْشــِراً بِمَرِيــعِ النَّبْـتِ مَمْطُـورِ
لَمَّـا بَلَغْـتُ إِمَـامَ الْعَـدْلِ قُلْتُ لَهُمْ قَـدْ كَـانَ مِـنْ طُـولِ إِدْلَاجِي وَتَهْجِيرِي
فَاســْتَوْرِدُوا مَنْهَلاً رَيَّــانَ ذَا حَبَـبٍ مِـنْ زَاخِـرِ الْبَحْـرِ يَرْمِي بِالْقَرَاقِيرِ
لَقَــدْ تَرَكْـتَ فَلَا نَعْـدَمْكَ إِذْ كَفَـرُوا لَابْــنِ الْمُهَلَّـبِ عَظْمـاً غَيْـرَ مَجْبُـورِ
يَا ابْنَ الْمُهَلَّبِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْخِلَافَـــةَ لِلشـــُّمِّ الْمَغَــاوِيرِ
لَا تَحْســِبَنَّ مِـرَاسَ الْحَـرْبِ إِذْ خَطَـرَتْ أَكُـلَّ الْقِبَـابِ وَأَدْمَ الرُّغْـفِ بِالصِّيرِ
خَلِيفَـةَ اللَّـهِ إِنِّـي قَـدْ جَعَلْـتُ لَكُمْ غُــرّاً سـَوَابِقَ مِـنْ نَسـْجِي وَتَحْبِيـرِي
لَا يُنْكِـرُ النَّـاسُ قِـدْماً أَنْ تُعَرِّفَهُـمْ سـَبْقاً إِذَا بَلَغُـوا نَحْـزَ الْمَضـَامِيرِ
زَانَ الْمَنَــابِرَ وَاخْتَــالَتْ بِمُنْتَجَـبٍ مُثَبَّـــتٍ بِكِتَـــابِ اللَّــهِ مَنْصــُورِ
فِـي آلِ حَـرْبٍ وَفِـي الْأَعْيَـاصِ مَنْبِتُـهُ هُــمْ وَرَّثُــوكَ بِنَـاءً عَـالِيَ السـُّورِ
يَسـْتَغْفِرُونَ لِعَبْـدِ اللَّـهِ إِذْ نَزَلُـوا بِـــالْحَوْضِ مَنْـــزِلَ إِهْلَالٍ وَتَكْبِيــرِ
يَكْفِــي الْخَلِيفَــةَ أَنَّ اللَّـهَ فَضـَّلَهُ عَــزْمٌ وَثِيــقٌ وَعَقْــدٌ غَيْـرُ تَغْرِيـرِ
مَـا يُنْبِـتُ الْفَرْعُ نَبْعاً مِثْلَ نَبْعَتِكُمْ عِيــدَانُهَا غَيْــرُ عَشــَّاتٍ وَلَا خُــورِ
قَـدْ أَخْـرَجَ اللَّـهُ قَسْراً مِنْ مَعَاقِلِهِمْ أَهْــلَ الْحُصـُونِ وَأَصـْحَابَ الْمَطَـامِيرِ
كَـمْ مِـنْ عَـدُوٍّ فَجَـذَّ اللَّـهُ دَابِرَهُـمْ كَــادُوا بِمَكْرِهِـمُ فَارْتَـدَّ فِـي بُـورِ
وَكَــانَ نَصــْراً مِـنَ الرَّحْمَـنِ قَـدَّرَهُ وَاللَّــهُ رَبُّــكَ ذُو مُلْــكٍ وَتَقْــدِيرِ
جَرِيرٌ
435 قصيدة
1 ديوان

جريرُ بنُ عطيَّةَ الكَلبِيُّ اليَربُوعِيِّ التّميميُّ، ويُكَنَّى أَبا حَزْرَةَ، وهو شاعِرٌ أُمَوِي مُقدَّمٌ مُكثِرٌ مُجيدٌ، يُعدُّ فِي الطّبقةِ الأُولى مِن الشُّعراءِ الإِسلامِيِّينَ، وُلِدَ فِي اليَمامةِ ونَشأَ فِيها وانْتقلَ إِلى البَصرَةِ، واتَّصَلَ بِالخُلفاءِ الأُمَوِيِّينَ وَوُلاتِهِم، وكانَ يُهاجِي شُعراءَ زَمانِهِ ولمْ يَثبُتْ أَمامَهُ إِلَّا الفَرزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقد قَدَّمَهُ بعضُ النُّقادِ والرُّواةُ على الفَرزدقِ والأَخطَلِ وذُكِرَ أنَّ أَهلَ الْبَادِيَةِ وَالشُّعرَاءِ بِشِعْرِ جريرٍ أَعجَبُ، وأَنَّهُ يُحْسِنُ ضُروباً مِنَ الشِّعرِ لا يُحسِنُها الفَرَزْدَقُ والأَخْطَلُ، وقدْ تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ 110 لِلهِجْرَةِ.  

728م-
110هـ-