سَرَتْ أُمّ أَوْفى عاطلاً من فريدِها

قال العماد: وأعطاني سديد الدولة ابن الأنباري درجاً فيه هذه القصيدة في مدحه بخط الغزي وشعره فلا أرويها إلا عنه، عن الغزي:

الأبيات 42
سـَرَتْ أُمّ أَوْفـى عـاطلاً مـن فريـدِها فـوزَّعْتُ دمعـي بيـن خَـدّي وجِيـدِها
فبــاتَتْ تَحَلّـى مِـنْ فـرائد عَبْرتـي وتحسـِب جِسـْمي سـِلْك بعـض عقودهـا
مُبَرْقَعَـــةٌ نَــمَّ القِيــام بقَــدِّها فلـم تُخْلِـه مـن بُرْقُـعٍ من قعودها
ألَمَّــتْ بنـا ترنـو بأَلحـاظِ جُـؤْذُرٍ مَناصـِلُها فـي القَطْـع دون غمودها
وتَرْفُـل فـي وشـْيٍ إِذا اشتاق لمسَها تظلَّــمَ مــن أَرْدافهــا ونُهودِهـا
فبتْنـا نَشـاوى مـن مُدامـةٍ وصـًلِها وبـات الكرى الساقي برغم صدودها
فيــا عجبــا مـن رُؤيـةٍ مسـتحيلة يحقّقهــا تغميــضُ عَيْنَـيْ مريـدها
خَليلَـــيّ يحْكيــن فِعْــلَ عُيونِهــا وأَرماحُهــا يسـْرِقْنَ وصـف قـدودها
ذَرانـي وأَوهـامَ المطـامِعِ فـالمُنى تقــوم نَســاياها مقـام نُقودهـا
ولا تَكْرَهــا لَيّــان لُبْنــى فـإِنني رأَيـت اخضـِرار العيش بين وُعودها
ولـو حصـل الإِنجـاز لـم يَبْـقَ مَطْمَعٌ وَجـودُ اشتعال النار داعي خُمودِها
وكنـتُ امْـرءاً دُنيـاه دون اهتمامِه فمــا ذيُّهـا فـي ذوقـه كَهَبيـدِها
مــتى جئتُ مومــاةً تفـرَّدتُ واثقـاً بصــُحبة عَسـّالَيْن: رمحـي وسـيْدِها
طُمــأْنينتي فــي أَن أَكـونَ مُشـَرَّداً طريــدَ خُطـوبٍ عـزّ مـأْوى طريـدها
ســـُكونٌ بهــزّ اليَعْمَلات اكتســبتُه كمــا سـَكَّن الأَطفـالَ هـزُّ مُهودهـا
وَخَيْـرُ ميـاهِ الـوجْهِ ما كان راكداً وإِنْ أَفسـدَ الأَمـواهَ طـولُ رُكودهـا
أَرى كــلَّ رَســْمٍ للمكــارِمِ دارسـاً ســلامٌ علــى أَيّامِهــا وعُهودهــا
وكــلّ مــن اسْتَشــْرى بقــوة حـدّه تجـاوَزَ فـي دَعْـواه أَقصـى حُدودها
لقـد ماتَت النُّعْمى التي ظفروا بها وفـي المَيْتـة الملقاة حَظٌّ لِدُودِها
يقولـون مـا سـَيَّرْتَ مـا يُتَّقـى بـه مَغانِيـك غابـاتٌ خَلَـتْ مـن أُسودها
وهــل ســالِبُ العُزْيــان إِلاّ منبّـهٌ علـى عَـدمِ الأَشـياءِ قبْـلَ وجودهـا
وقـالوا هجرتَ الكُتْب، والعلمُ وجْهُهُ يزيــد بياضـاً مِـنْ تَصـَفُّحِ سـُودِها
ومـا الحفـظُ إلاّ كالثّمـار قطفتُهـا وعَلَّقْتُهـا بـالخيط فـي غير عُودها
طريــق البلاغــات التصـرفُ زادهـا وفَخْـرُ كُفـاة العصـر خِرّيـتُ بيدها
أَفـادُ العُلـى عبـدُ الكريـم محمّداً ولـم نـره يُعْـزى إِلـى مسـتفيدها
فلـم يَـرْضَ حتّـى نالهـا باْكتسـابه طَريـفُ العلى أَوْلى بها من تليدها
كســا رؤسـاءَ العصـر دام رئيسـُهم مفــاخِرَ يجتـابُون أَسـْنى برودهـا
فــتىً لا تَبُــلُّ النَعـلَ طشـَّةُ حـاله وجَـدْواه قد عام الورى في مُدودها
فصــيحٌ، إِذا مــدّ المِـداد حِبـالَهُ لِمَلْمومَـةٍ لـم يُعْيـه صـَيْدُ صـِيْدها
أَدِمْ ذِكــره وانْــسَ الأَوائل جُملــةً مكــارِمُه نَقْــضٌ لــبيتِ لَبيــدها
ولو لم تكن تُصْمي به الدولةُ العِدى ســَما قـدرُه عـن نَعْتـه بسـَديدها
نشــرتَ أَبــا عبـدِ الإِلـه مناقبـاً أُميتَـتْ فَلاحـتْ منـك شـُهْب سـُعُودها
وَجُـدْتَ ارتجـالاً، والغمامـة طالمـا تكــرّر يحــدُوها ضــجيج رُعودهـا
فمــا يَقْتضـي جَـدْواك مُـورِدُ مِدْحَـةٍ لأَســلافِك الأَثمــان قبــل وُرودهـا
ومـا زلـتُ في بغداد بالذكر خادماً وخِدمــةُ مثلــي يُكْتَفـى بزهيـدها
ولــو ســَمَحَتْ أرض العـراق بمُسـكةٍ تَرَفَّهْــتُ عــن جَـيْ وأَكـلِ قديـدها
ومـا أَنـا إِلاّ الطيـفُ يُنْسى فلا يُرى ومثلُـك مَـنْ جاء العُلى من وَصيدها
أَطــال اخـتراعي للمعـاني تـأَخّري وقُــدِّمَ أَقــوامُ بســَلْخ جُلودهــا
ويكْفيــكَ مجــداً أَنّ نفْـسَ مَطـالبي بـك اعتصـمتْ مِـنْ قطع حَبْلِ وريدها
وأَنّ خيـــام الاهتمـــام بنُصــُرتي يَلـوحُ عَمـودُ الفجْـر تحـتَ عمودها
لِيَهْــنِ أَميــرَ المــؤمنين سـعادةٌ تَفيـضُ بهـا الأَعـراض بعـد جُمُودها
فلـوْ لـم يَصـُلْ إِلاّ بيمنـاك وحـدَها لأَمكــنَ فتــح الخـافِقَيْن بجودهـا
إبراهيم الغزي
61 قصيدة
1 ديوان

إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمد الكلبي الأشهبي الغزي أبو إسحاق: أحد أركان الشعر العربي الأربعة في عصره حسب كلام العماد الأصفهاني، وهم (الطغرائي والأبيوردي والأرجاني والغزي) وهو صاحب البيت السائر:

خلت الديار فلا كريم يرتجى         منه النوال ولا مليح يعشق

وقد ترجم له العماد في "خريدة القصر" قال: (الأديب الغزي أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن محمد الكلبي ثم الأشهبي المعروف بالغزي. مولده غزة الشام، وانتقل إلى العراق وإلى خراسان وأصفهان وكرمان وفارس وخوزستان، وطال عمره، وراج سعر شعره، وماج بحر فكره، وأتى بكل معنى مخترع، ونظم مبتدع، وحكمة محكمة النسج، وفقرة واضحة النهج، وكلام أحلى من منطق الحسناء، وأعلى من منطقة الجوزاء. فكم له من قصائد كالفرائد، وقلائد كعقود الخرائد، وغرر حسان، ودرر وجمان. وله في خطبة ألف بيت جمعها من شعره يصف بها حاله نثراً، ويذكر فضيلة الشعر، (ثم أورد قطعة من الرسالة في شكوى الزمان) ثم قال: 

(هذا يقوله الغزي وفي الكرام بقية، والأعراض من اللؤم نقية، وقد ظفر بحاجته من الممدوحين: كعمي العزيز بأصفهان، والصاحب مكرم بكرمان، والقاضي عماد الدين طاهر بشيراز، الذي أمن بجوده طارق الإعواز، وكانت جائزته للغزي وللقاضي الأرجاني وللسيد أبي الرضا وأمثالهم المعتبرين، لكل واحد ألف دينار أحمر على قصيدة واحدة) ثم قال: (والغزي حسن المغزى، وما يعز من المعاني الغر معنى إلا إليه يعزى، يعنى بالمعنى ويحكم منه المبنى، ويودعه اللفظ إيداع الدر الصدف، والبدر السدف. فمن أفراد أبياته التي علت بها راياته، وبهرت آياته، ولم تملل منها غاياته، ...إلخ) ولما ورد أصفهان نزل ضيفا في بيت صديقه أبي المحاسن بن فضلويه. قال: (وسمعت أكثر أشعاره من جماعة من الفضلاء كابن كاهويه وابن فضلويه وسيدنا عبد الرحيم بن الأخوة وغيرهم.)

وترجم له تاج الإسلام السمعاني في "المذيل على تاريخ بغداد" قال: (شيخ كبير مسن قد ناطح التسعين وكان أحد فضلاء الدهر ومن يضرب به المثل في صنعة الشعر. وكان ضنيناً بشعره ما كان يملي منه إلا القليل. ورد عليها "مرو" وكان نازلاً في المدرسة النظامية إلى أن اتفق له الخروج من مرو إلى بلخ فباع قريباً من عشرة أرطال من مسودات شعره بخطه من بعض القلانسيين ليفسدها، فحضر بعض أصدقائي وزاد على ما اشتراه شيئاً وحملها في الحال إلي، فطالعتها فرأيت شعراً دهشت من حسنه وجودة صنعته، فبيضت من شعره أكثر من خمسة آلاف بيت وبقي منه شيء كثير. وبقية شعره الذي كان معه اشتراه بعض اليمنيين واحترق ببلخ مع كتيبات له. وكان يقول: أرجو أن الله تعالى يعفو عني ويرحمني لأني شيخ مسن جاوزت التسعين ولأني من بلد الإمام المطلبي الشافعي، يعني محمد بن إدريس.

قال السمعاني: سمعت أبا نصر عبد الرحمن بن محمد الخطيبي الخرجردي يقول مذاكرة: ولد إبراهيم الغزي في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.  وسمعت أبا نصر الخرجردي يقول بمرو: إن الأديب الغزي مات في سنة أربع وعشرين وخمسمائة في الطريق وحمل إلى بلخ ودفن بها

قصائد أخرى لإبراهيم الغزي

إبراهيم الغزي
إبراهيم الغزي
القطعة افتتح بها العماد الكاتب شعر الغزي في الخريدة قال: وله في خطبة ألف بيت جمعها من شعره يصف بها حاله نثراً، ويذكر فضيلة الشعر، ويقول: إن الشعر زبدة الأدب وميدان العرب، كانوا في جاهليتهم يعظمونه تعظيم الشرائع، ويعدونه من أعلى الذرائع.
إبراهيم الغزي
إبراهيم الغزي

قال العماد: فمن أفراد أبياته التي علت بها راياته، وبهرت آياته، ولم تملل منها غاياته، قوله:

إبراهيم الغزي
إبراهيم الغزي

قال العماد: فمن أفراد أبياته التي علت بها راياته، وبهرت آياته، ولم تملل منها غاياته، قوله:

إبراهيم الغزي
إبراهيم الغزي

قال العماد: فمن أفراد أبياته التي علت بها راياته، وبهرت آياته، ولم تملل منها غاياته، قوله: