ما شَجا قَلْبي غزالُ المنحنى
الأبيات 50
مـا شـَجا قَلْبي غزالُ المنحنى إن مشى في القزٍّ يوماً أو رنا
أو تجلّـى فـي الدياجي طالعاً مثـلَ ضـوء الشـمس نوراً وسَنا
وانثنـى يختـال فـي أعطـافهِ ثَمِلاً يســبي التقـيَّ المؤمنـا
وأتــى يخطــر فــي مِشــيتهِ تائهــاً تحسـده سـُمْرُ القَنـا
ولِصــوتِ الحَلْـي فـي تَخطـارهِ صـوتُ أفراخِ القطا لما انثنى
وعــبيرُ المسـك مـن أردانـهِ يُنعـش الـروحَ ويجلـو الوسنا
أدعــجُ العيــن غضـيضٌ سـاجمٌ فــاترُ الطَّـرْف يفـلُّ الأرعَنـا
مـن لـه أمسـى ضـجيعاً طائعاً طـاب نفسـاً حين يحظى بالمنى
إنمــا أشــغل فكــري وشـجا خــاطري وازداد قلـبي حَزَنـا
صـاحبٌ لـي وهْـو ضـيفٌ جاءنـا زائراً تَهْـوى لـه المُستحسـَنا
نـاله التنكيـدُ مـن خَيْفانـةٍ عَرَّفتْــه الأرضَ منهـا الألينـا
لــم أزل أعــذله أن يعتلـي صــهوةَ الجُـرْد وأن لا يأمنـا
والـتي تنمـي إلـى شـُرّاكِ لا يأتِهــا راكبُهـا يلقـى عَنـا
لكــنِ المـرءُ شـغوفٌ بـالعُلا أصــعبُ الأمــرِ يــراه هَيّنـا
والـذي يُقْضـَى على الإنسان من ربّــه لابــدَّ حتمــاً كائنــا
إذ عرضـنا اليـومَ للأضياف في حلبـةِ الميـدانِ جُـرْداً خيلَنا
رفــض الكــلُّ ركوبـاً وأبَـوْا غيــرَ سـيفٍ صـارم قـال أنـا
فــارسٌ أدرى بنفســي منكُــمُ ولــذا أخــرسَ منّـا الأَلْسـُنا
أَمّلتْــه نفســُه فــي خلــوةٍ وعصــتْه حينمــا الأمـرُ دنـا
ومحضـتُ النصـحَ مـن قبـلُ لـهُ لرسـوخ الـودّ فـي مـا بيننا
فــأبى منــي قبــولاً ولقــد زيّــنَ الفعـلُ لـه مـا زيّنـا
ظـنَّ منّـي الجِـدَّ هَـزْلاً فانزوى وعلـيَّ اللـومُ مـن ذاك الجَنَى
ولعلمــي بــالمُجَلّى والفـتى خفــتُ مـن مَنّـي أُلاقـي مجنـا
يـا خليلـي النصـحُ غالٍ ومُطِي عٌ لنصــحٍ هُــوَ أغلــى ثمنـا
شــَمِّرِ الســاقَ طروبــاً عَجِلاً شــَحِّذِ الثــوبَ وذَوِّ الأَرْدُنــا
وعلــى شــقّاءَ نقّـاءَ اسـتوى كُــرَةً قَــوْداً تســرّ الأَعْيُنـا
مــن عَبِيّــاتٍ تـداعى أصـلُها لــم يُـدنِّس قَنْسـَها مُسـتهجِنا
فتلاقــى مَــعْ شــَليلٍ رأسـُها فغـــدا بينهمـــا مُمْتَحَنــا
وَكَزتْــــه بشــــليلٍ ظنَّـــهُ مِـنْ قَفـاه أنّـه طَعْـنُ القَنـا
عــاملتْه بــالهُوينى صـاعداً وانحــداراً وشــِمالاً أَيْمُنــا
وهْـو مـعْ ذاك يـرى فـي نفسهِ قــاهراً إذ فاوضـتْه الرَّسـَنا
نـــازعتْهُ لحظـــةً ثــم رأى شـــدّةَ الأرض عليــه أهونــا
فرمتْــه فــي بســاط واســعٍ مَهّـــدَتْهُ وفِراشـــاً لَيّنـــا
أَكثَـروا مـن لـومه وَهْـوَ يُنا دي ألا حســبُكمُ مــن لومنــا
أتزيـــدونيَ لومــاً ويحكــم أَقْصـِروا عنـا كفانـا ما بنا
هكــذا الأيّــامُ بــؤسٌ ورَخَـا وأرى طـــالعَ بــؤس يومَنــا
قـد ركبـتُ الخيـلَ إني زَيْدُها ومُجلِّيهـــا إذا أمــرٌ عَنــا
مثـلَ هـذي لـم أشـاهد عُمُـري مـا أراهـا قطُّ من خيل الدُّنا
قلــتُ لا بـأسَ ولا تأسـفْ فـذي عــادةٌ جاريــةٌ فــي عصـرنا
نـال مَـن قَبْلـكَ مـا نالكَ مِمْ مَــنْ شــهدناه وممّـن قبْلَنـا
عـادةٌ تجـري على الفرسان من خيـلِ أهـل الشـرق أمـرٌ كُوِّنا
مـن بنـي يـاسٍ ومَـن ضـاهاهُمُ مـن أُهَيْل الغرب إذ يروي لنا
سـَلْ أبـاكَ البَـرَّ لما أن رأى قفـزةَ الأغنام في عالي البِنا
لــوَّحَ الــرأسَ وأبـدى عجبـاً وعَجيبـــاً مـــا رآه بَيِّنــا
كيـف بـالجُرْد الشماليل التي مثلمــا شـاهدتُ منهـا عَلَنـا
لكــنِ الرحمــنُ ذو لطـفٍ وذو رأفــةٍ أســدى علينـا مِنَنـا
ولــه الشــكرُ علـى أفضـالهِ مُســتمرّاً قـد كفانـا الإِحَنـا
ولآلِ الســـيف مَــعْ إخــوانهِ ولنــا أوفــى ســرورٍ وهَنـا
وصــــلاةٌ وســــلام أبــــداً لرســول اللــه خيـرِ الأُمَنـا
وعلــى الأصــحاب والآل ومَــنْ لَهــمُ يقفـو ويُحيـي السـُّنَنا
أبو الفضل الحارثي
2 قصيدة
1 ديوان
1947م-
1366هـ-

قصائد أخرى لأبي الفضل الحارثي