حَكَت أدمُعِي يومَ الوداعِ الغَمائِمُ
الأبيات 44
حَكَـت أدمُعِـي يومَ الوداعِ الغَمائِمُ وشـابَهَ نَـوحِي في الرِباع الحمائِمُ
ضـُحى قطَّعُـوا حبـلَ التَصافِي وَقُرِّبَت لِطَـيِّ الفَيـافِي اليَعمَلاتُ الرَوَاسـِمُ
عُقِلـنَ فَخِلـتُ العَيـنَ يُعقَـلُ دَمعُها فَمــا ســِرنَ إِلّا والعُيـونُ سـَواجِمُ
بَعثـنَ الأَسـى لمّـا بَعَثـنَ لِخَـاطِري وأبـرَزنَ للواشـِينَ مـا أنـا كاتِمُ
وبـانوا فقَلـبي والحشاشةُ والنُهى ظَــواعِنُ خَلــفَ الظـاعِنِينَ حَـوائِمُ
رَحَلـنَ مِـنَ الأحسا فَشَبَّت لَظى الجَوى ففـي داخِـلِ الأحشـاء منهـا مَياسِمُ
تَجودُ بهم هُوجُ النَواجِي لَدى السُرى مَهَـامِهَ نَهـجُ السـَيرِ منهُـنَّ طاسـِمُ
ولكــن مـع الأظعـان هـادٍ سـَناؤُهُ عَنِ البَدرِ للسارِينَ في البيدِ قائِمُ
علـى أنـهُ بـدرٌ لـهُ الخِـدرُ هالَةٌ ونَـورٌ لـه زاهِـي الحُـدوجِ كَمـائِمُ
أرادت تُحـاكِيهِ الغَزالـةُ إذ بَـدَت ولكـن أبَـت عـن ما تَرُومُ المَعَاصِمُ
وَفــرعٌ يُضـِلُّ الخَلـقَ داجـي ظلامِـهِ وفَــرقٌ إِليــه بالهِدايــةِ حـاكِمُ
وَثَغــرٌ كـأنَّ الأريَ والشـَهدَ ظلمُـهُ حَمَــت وَردَهُ مــن جـانِبَيهِ أراقِـمُ
وقَـدّ كَخُـوطِ البـانِ مـن تحتهِ نَقاً ومــن فــوقِهِ بَـدرٌ يُغَطِّيـهِ فـاحِمُ
لئِن قِيـدَ بالوَاوَينِ والميمِ لِلدُمى أَبِــيٌّ وبــالنُونَينِ صـِيدَت ضـَراغِمُ
فَمـا رَشـَقَت قَلـبي ظِبـاً بِلِحاظِهـا ولا كلَّمَتنِــي مــن ظِباهـا لَهـاذِمُ
ولا هـاجَ أشـواقي وَوَجـدي وَلَوعَـتي قُــدُودُ غَــوانٍ أو خــدودٌ نـواعِمُ
ولكـن سَعى داعي النَوى بينَ مَروَتي وبيــن صــفائِي فالأَســى مُـتراكِمُ
وأَنكـى حَشـائِي منـه سـهمٌ جِراحُـهُ عزيـزُ أسـىً فـي حبَّـةِ القلـبِ لازِمُ
فَمـا حالُ مَن قد حالَ بالبَينِ حالُهُ وهُــدَّت قُـواهُ والعَـزا والعَـزائِمُ
قَريــحُ جُفــونٍ رامَ صـَبراً فخـانَهُ فــؤادٌ علــى فَقـدِ الأحِبَّـةِ هـائِمُ
أَلِيـفُ أسـىً لـم يألَفِ النَومَ طَرفُهُ لـهُ الهـمُّ في جُنحِ الدياجي مُنادِمُ
أسـيرُ بِعَـادٍ بـالنَوى عِيـلَ صـبرُهُ وقُــدَّت خَــوافِي عَزمِـهِ والقَـوادِمُ
ضـعيفُ قُـوىً واهِـي عُرى الصَبرِ آيسٌ حليـفُ جَـوىً فـي لُجَّـةِ الوَجدِ عائِمُ
مُعَنّــى بِتَــذكارٍ لأعــوامِ أُنســِهِ وأيـامِ وَصـلٍ لـذَّ فيهـا المَطـاعِمُ
يَهيــجُ لتــأنِيب العَـواذِلِ وَجـدُهُ ويـــزدادُ إغــراءً إذا لَــجَّ لائِمُ
فيـا وَيـحَ قَلبٍ مَضَّهُ الوَجدُ والضَنى وأوصــالِ جِســمٍ قطَّعَتهــا صـَوارِمُ
رَعـى اللَـه مَن شَطَّت به خُطَّةُ النَوى وحــالَت قُــدَامٌ دونــه وخُضــارِمُ
مَضـى فَقَضـى بـالحينِ يـومَ فراقِـهِ علـى نَفـسِ مَفجـوعٍ له البَينُ هادِمُ
رَمـى مُقلَـةً لـم تُروَ بالدمعِ بعدَهُ فعاهَــدَهُ سـهمٌ مِـنَ الحَتـفِ واصـِمُ
وأروَى الحَيـا رَبـعَ العُذَيب وأهلِهِ وإِن عــذَّبَتنِي مـن هَـواهُم سـَمائِمُ
لَحـا اللَـه دَهراً غالَني من صُرُوفِهِ بِفَقــدِ أَحِبَّــائي خطــوبٌ قَواصــِمُ
يُجَرِّعُنــي كـأسَ النَـوى كـلَّ سـاعةٍ كــأنِّي لــه حـربٌ وغيـري مُسـالِمُ
فَشـِربي بـه مُـرُّ الزُعـاقِ ومطعمـي بــه دون شــِكلِي حَنظَــلٌ وعلاقِــمُ
نصـحتُك قلـبي لا تـرى اليأسَ منهُمُ فَكــم آبَ للأوطـانِ مَـن هـو سـالمُ
فَمـا نَزَحُـوا عَنّـي وإِن بانَ شخصُهم فهم في سُوَيدا القلبِ والطَرفُ سائِمُ
أحِبّايَ هل بعد التَنائِي إلى اللِقا سـبيلٌ فقـد ضـاقَت علـيَّ العـوالمُ
مــتى يشـفِ عِلاتـي بشـيرُ قُـدُومِكم ويُطفِـــئُ غُلاتــي لِقــاً وتنــادُمُ
فتَهــدَأُ أجفــانٌ تطــاوَلَ سـُهدُها وتَرقــا دُمــوعٌ مَوجُهــا مُتَلاطِــمُ
ويُســـعَفُ مَــأمُولٌ وَيَســعَدُ آمِــلٌ وَيَمــرَحُ مَهمــومٌ ويفــرحُ ســادِمُ
وَنَجنِـي ثِمارَ الأُنسِ والفوزِ والهَنا وَنَرتَــعُ فـي رَوضِ السـُرورِ سـوائِمُ
فيـا نائيـاً لا عَـن قِلـىً أو مَلالةٍ ولا لِمَعَـــالٍ لـــم يَنَلهُــنَّ رائِمُ
ولكنَّـكَ الشـمسُ المنيـرةُ مـا لَها بــــدائرةِ الأفلاكِ مَــــأوىً مُلازِمُ
ويـا كـوكبَ الـدُنيا الذي بِسَنائِهِ وتيَّــارِهِ تُهـدى وتَحيَـى الرَمـائِمُ
وَيـا دُرَّةَ الـدهرِ العَـديمِ نظيرُها فَواجِـدُها مـن مُقتَنِـي الحمدِ غانِمُ
حسين بن غنام
2 قصيدة
1 ديوان

حسين بن أبي بكر آل غنام، من بني تميم.

ولد في المبرز، وهي ضاحية من ضواحي الهفوف (الأحساء).

أخذ الفقه على مذهب الإمام مالك فبرع فيه، فكان علامة زمانه.

كان له شعر جيد يمتاز بقوة العبارة، وروعة الأسلوب، وغزله لطيف رقيق.

له: (العقد الثمين في شرح أصول الدين)، (روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام).

1810م-
1225هـ-