جدّدي يا رشيدُ للحبِّ عَهْدَا
الأبيات 69
جــدّدي يـا رشـيدُ للحـبِّ عَهْـدَا حَســْبُنا حســبُنا مِطــالاً وصـدَّا
جـدّدي يـا مدينـةَ السـحرِ أحلا مـاً وعْيشـاً طَلْـقَ الأسارير رَغْدا
جــدّدي لمحــةً مضـتْ مـن شـبابٍ مثـل زهـر الربـا يـرِفُّ وينـدَى
وابعـثي صـَحْوةً أغار عليها الش يْــبُ حتَّــى غـدتْ عَنـاءً وسـُهدا
وتعـالَيْ نعيـشُ فـي جَنَّـةِ المـا ضـي إذا لـم نجِدْ من العيشِ بُدّا
ذِكْريـاتٌ لـو كـان للـدهرِ عِقْـدٌ كـنّ فـي جِيـدِ سالفِ الدهر عِقدا
ذِكْريــاتٌ مضــتْ كــأحلام وصــلٍ وســـُدىً نســتطيعُ للحُلْــمِ رَدَّا
قــد رشــفنا محتــومهنَّ سـُلافاً وشــممْنا رَيّــا شــذاهُنّ نَــدّا
والهَـوى أمْـرَدُ المحيَّـا ينـاغي فِتْيــةً تُشـبهُ الـدنانير مُـرْدَا
عبِثــوا ســادرين فالْجِـدُّ هـزلٌ ثـمّ جـدّوا فصـيَّروا الهـزلَ جِدّا
ويـح نفسـي أفدي الشبابَ بنفسي وجـــديرٌ بمثلـــهِ أن يُفَـــدَّى
إنْ عـــددنا ليـــومِه حســناتٍ شــغلتْنا مسـاوىءُ الشـيْبِ عَـدّا
جــذوةٌ للشــبابِ كـانت نعيمـاً وســلاماً علــى الفـؤادِ وبَـرْدا
قــد بكيْنــاه حيــنَ زال لأنّـا قـد جهِلْنـا مـن حَقّـه مـا يُؤَدّى
وقتلنـــاه بالوقـــارِ ضــلالاً وهــو مـا جـار مـرّةً أو تعـدَّى
مـا عليهـم إن هـام عمرٌو بهندٍ أو شــدا شــاعرٌ بأيـامٍ سـُعدى
شـُغِفَ النـاسُ بالفضـُولِ وبـالْحِقْ دِ فـإنْ تلـقَ نعمـةً تلَـقَ حِقـدا
أرشـــيدٌ وأنـــت جنَّــةُ خُلْــدٍ لـو أتـاح الإلـهُ في الأرضِ خُلدا
حيــن ســَمّوْكِ وردةً زُهِـيَ الحـس نُ وودّ الخــدودُ لــو كـنّ وَرْدا
تــوّجتْ رأســَكِ الرمــالُ بتـبرٍ وجـرَى النيـلُ تحـت رِجْليْك شهدا
وأحــاطت بــكِ الخمـائلُ زُهْـراً كــلُّ قَــدٍ فيهــا يعـانقُ قَـدّا
والنخيـلُ النخيـلُ أرخـت شعوراً مُرســـَلاَتٍ ومــدَّت الظــلَّ مــدّا
كالعذارَى يدنو بها الشوقُ قُرْباً ثـم تنـأَى مخافـةَ اللّـومِ بُعْدَا
حــول أجيادِهــا عقــودُ عقيـقٍ ونُضــارٍن صــفاؤه ليــس يصـدأ
يـا ابنـةَ اليـمِّ لا تُراعي فإنّي قـد رأيـتُ الأمـورَ جَـزْراً ومـدّا
قـد يعـودُ الزمانُ صفواً كما كا نَ ويُمســي وعيـدُه المُـرُّ وعـدا
كنـتِ مـذ كنـتِ والليالي جواري كِ وكــان الزمـانُ حولَـك عبـدا
كلّمــا هــامت الظنـونُ بماضـي كِ رأتْ عَزْمَــةً وأبصــرن مجــدا
بـكِ أهلـي وفيـكِ مَلْهَـى شـبابي ولَكَــمْ فيـكِ لـي مَـراحٌ ومَغْـدَى
لـو أصـابتكِ مسـّةُ الريـحِ ثارت بفــؤادي عواصــفٌ ليــس تَهْـدا
أنـا مـن تُرْبِـك النقـي وشـعري نفحــاتٌ مـن وَحْـيِ قُدْسـِك تُهْـدى
كنـتُ أشـدو بـه مع الناس طفلاً فتسـامَى فصـرتُ فـي الناسِ فَرْدا
مـن رزايـا النبـوغِ أنّـكِ لا تلْ قَ أنيســاً ولا تَــرَى لــكَ نِـدّا
قــد جَزيْنـاكِ بالحنـانِ حَنانـاً وجزينــا عـن خـالصِ الـوُدِّ وُدّا
ليـتَ لـي بعـد عودتي فيك قبراً مثلمـا كنـتِ مَنْبِتـاً لـي ومَهْدا
أصـــحيحٌ أن الخطــوبَ أصــابت كِ وأنّ الأمـــراضَ هَــدَّتْكِ هــدّا
وغــدا الفيـلُ فيـكِ داءً وبيلاً نافثــاً ســُمَّه مُغيــراً مُجِــدَّا
كـم رأينـا مـن عاملٍ هدَّه الدّا ءُ وأرداه وَقْعُـــــه فــــتردَّى
كــان يســعَى وراءَ لُقْمـةِ خُبْـزٍ ولَكَــمْ جـدَّ فـي الحيـاةِ وكـدّا
فغــدا كالصـريع يلتمـسُ الْجُـهْ دَ ليحيـا بـه فلـم يَلْـقَ جُهـدا
إن مشـى يمـشِ بائسـاً مسـتكيناً كأســيرٍ يجـرُّ فـي الرجْـلِ قِـدّا
خلفــه مـن بَنيـه أتضـاءُ جـوعٍ وهــو لا يســتطيع للجـوعِ سـَدّا
كلّمـــا مـــدّ كفَّـــه لســؤالٍ أشـبعتها اللئامُ نَهْـراً وطَـرْدا
أمــن الحــق أن نعيـش بِطانـاً ويجــوعَ العَليـلُ فينـا ويصـْدَى
وَلكَــمْ تلمَــحُ العيــونُ فتـاةً مثـل بـدرِ السـماءِ لمَّـا تبـدّى
هـي مـن نَغْمَـةِ البشـائرِ أحلَـى وهـي مـن نَضـْرةِ الأزاهـرِ أنـدَى
تتمنَّــى الغُصـُونُ لـو كـنَّ قـدّاً حيـنَ ماسـتْ والوردُ لو كان خدَّا
حــوّمتْ حولَهـا القلـوبُ فَراشـاً ومشــت خلفَهـا الصـواحبُ جُنْـدا
وارتـدت بالْخِمـارِ فاختبأ الحس نُ يُــثير الشــجونَ لمـا تـردّى
لعِبــتْ بــالنهَى فأصــبح غَيَّـا كــلُّ رُشـْدٍ وأصـبح الغَـيُّ رُشـدا
حســَدَ الــدهرُ حسـنَها فرماهـا بســهامٍ مــن الكــوارثِ عَمْـدا
طرقتهـا الحمَّـى الخبيثـةُ ترمى بشــُواظٍن يزيـده الليـلُ وَقْـدا
روضــةٌ مـن محاسـنٍ غالهـا الإعْ صــارُ حـتى غَـدَتْ خمـائلَ جُـرْدَا
حـلّ داءُ الفيـل العُضـالُ برِجْلَيْ هــا وألقَـى أثقـالَه واسـتبدّا
كـم بكـتْ أُمُّهـا عليهـا فما أغْ نَــى نُــواحٌ ولا التحسـُّرُ أجْـدَى
ويحَهـا أيـن سـِحْرها أيـن صارت أيــن ولَّـى جمالُهـا أيـن نَـدّا
أيـن أيـن ابتسـامُها ذهـب الأنُ سُ ومــال الزمـانُ عنهـا وصـَدّا
أيـن فَتْكُ العيونِ لم يترك الدهْ رُ سـيوفاً لهـا ولـم يُبْـقِ غِمْدا
أيــن خلْخالهــا لقــد خلعتْـه وهـي تبكـي أسـىً وتنفُـثُ صـَهْدا
طــار خُطّابُهـا فلـم يَبْـقَ فـردٌ وتـــولَّى حَشــْدٌ يحــذِّرُ حشــدا
لســعتها بعوضــةٌ ســكنت بِــئْ راً وقــد كـان جسـمُها مسـتعدّا
إن هــذا البعـوضَ أهلـك نُمْـرو ذَ وأفنَـى مـا لـم يُعَـدُّ وأعْـدَى
فاحـــذروه فــإنّه شــرُّ خَصــْمٍ وتصـــدَّوْا لحربِـــه إنْ تصــدَّى
جَـرِّدوا حَمْلـةً علـى الفيلِ أنجا داً كرامـاً ومزِّقـوا الفيلَ أُسْدا
أرشــيدٌ دونَ المــدائنِ تبقَــى مُسْتراضــــاً لكـــلِّ داءٍ ووِرْدا
يفتِـكُ السـم فـي بَنيهـا فلا تر فَـــعُ كَفّــاً ولا تحــرِّكُ زَنــدا
ثــم تُلْقــي السـلاحَ إلقـاءَ ذلٍ والجراثيـــمُ حولَهــا تتحــدَّى
يـا لَعـاري فليـت لي بين قومي بطلاً يكشـــِفُ الشــدائدَ جَلْــدا
ظَمِىــءَ الشـْعرُ للثنـاءِ فهـل آ نَ لــه أن يفيـضَ شـكراً وحمـدا
علي الجارم
138 قصيدة
1 ديوان

علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.

أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.

ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.

وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.

له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.

و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.

1949م-
1368هـ-