يَميناً بِسامي الْمَجد يُدْرَك بالجِدِّ

القصيدة في إعلان الحرب على أهل نجد كما يفهم من البيت 22 قدم لها العماد بقوله:

وأنشدني أبو محمد بن عتيق الشاعر وكتب لي بخطه ما كتب إليه من اليمن من شعر ابن مهدي هذا: (ثم أورد القصيدة)

ووهاس في البيت 19 هو الشريف وهاس بن غانم بن يحيى بن حمزة بن وهاس السليماني، ورد ذكره في مسمطة عبد النبي قال:

الأبيات 28
يَمينـاً بِسـامي الْمَجـد يُدْرَك بالجِدِّ وحَـدِّ اعـتزامٍ لـم يَقِـفْ بي على حَدِّ
وعِــزَّةِ نَفْـسٍ لـم تكـن مُـذْ صـَحِبْتُها تُنـافِسُ إِلاّ فـي الرَّفيـع مـن الْمَجدِ
وَصـــُحْبةِ آســـادٍ تَهُــزُّ أَســاوِداً فَمِــنْ فِتْيــةٍ مُـرْدٍ عَلَـى قـرَّحٍ جُـرْد
تَخُــوضُ خِضــَمَّ البحــر عَــبَّ عُبـابهُ كَصـُمِّ صـُخورٍ فـي غَـديرٍ مـن السـَّرْد
تُطيــحُ بِتيجــانِ الْمُلــوك رُؤُوسـُها فَتُبْــدِلهُا مــن عِزِّهـا صـَعَرَ الْخَـدِّ
لأَعْتَنِقَـنَّ الْبِيضـَ، لا الـبيض كالـدُّمى وأَرغَـبُ عـن نَهْـدٍ إِلـى سـابحٍ نَهْـد
حَنِينـي إِلـى سَمْراءَ تَهْوِي إِلى الطُّلى كُزُهْــدِيَ فـي سـَمْراءَ مائسـة القَـدِّ
أَأَصـْبو إِلـى الْحُـور الحِسـان وهِمَّتي تَهِيــمُ بِضـَرب الْهـامِ قـاهِرةً ضـِدّي
وقـد قـالتِ الْعَلْيـاءُ عَـدِّ عن الصِّبا وسـَلِّمْ هَـوى سـَلْمى ودَعْ مِنْ مُنى دَعْد
قَسَمْتُ الرَّدى والْجُودَ قِسْمين في الْوَرى فلِلْمُعْتَــدي حَـدِّي ولِلْمُجْتَـدي رِفْـدي
ومـا لِـيَ مـن مـالي الذي كَسَبَتْ يَدي تُـراثٌ أُبَقِّيـه سـِوى الشـُّكْرِ والْحَمْدِ
تُخَـــوِّفُني جَيْـــبٌ بكُثْــر عَدِيــدِها ومـا لجنـودِ اللـهِ حَـوْليَ مِـنْ عَـدِّ
ويُرْهِبنــي زيــدُ بـن عَمْـرٍو بِجنُـدِه وبَجْـدَتِه يـا بِئْسَ مـا حـاز مـن جُنْد
يُقَعْقِــع نَحْـوي بالشـِّنان وهَـلْ تَـرى عُـوى الكَلـبِ يُخْفي زَأْرَة الأَسَدِ الْوَرْد
إِذا قـال لـم يَصْدُق مَقالاً وما الصَّبا تُزَحـزِح إِنْ هَبَّـتْ ذُرى الْجبـلِ الصَّلْد
وإِنــي ونَصــرِ اللــهِ رائِدُ خَيْلِنـا وقائِدُهــا بيـن التَّهـائِم والنُّجْـد
وأَسـيافُنا الْحُمرُ النَّواصِع من دَمِ الْ أَحـابيشِ مـا حالَتْ عَلى صِبْغَة الْوَرْد
ومــا لِلِــدانِ الســَّمْهَرِيَّةِ إِنْ شـَكَتْ إِلينـا الظَّما إِلا الوَرِيدَيْن من وِرْد
وكــم رأَسِ جَبّــارٍ كَوَهّــاس أَصــْبحتْ لهـا بَـدَنٌ فينـا مـن القَصَب الْمُلْدِ
لَئِنْ كــان بُـدٌّ عنـدكمْ مـن لِقائنـا فليــس لنـا مّمـا تَخـافُونَ مِـنْ بُـدْ
وإنْ تُخْلِفــوا إِبعـادَكم لـي فـإِنني مَـدَى الدهر لم أُخْلِف وَعيدي ولا وَعْدي
ســنبعثُها مِثــلَ الســَّعالي مُغيـرةً إِلـى نجـدِكمْ ترمـي بكـلّ فـتىً نَجْد
عليهـا قِـرَى وَحْـش الفَلا مِنْكُـمُ فَكَمْ لأَجْسـامِكم فـي جسـمها شـُقَّ مـن لَحْدِ
نُغَشــّي بهــا أَرْضــِيكُمُ فنعُيــدُها يَبابــاً بلا شــَخْصٍ مُعيـدٍ ولا مُبْـدي
وتُضـــْحي ســَباياكُمْ مُهَوَّنَــةً لنــا تُبـاعُ بِفَلْـسٍ مـا لهـا مُنْكِمُ مُفْدي
لَئِنْ كنتـمُ فـي الغَـيِّ ناشـِين إِننا هُـداةُ الْـورى من ظُلمِة الغَيِّ للرُّشْدِ
وإِن كنتــمُ حِـزْبَ الضـَّلال فإِننـا الْ هـداةُ لِنهْـج الْحَـقّ بالسـيِّد المَهْدي
لنــا النَّخَـواتُ اليْعرُبيَّـةُ دونَكُـمْ فلَسـْنا الـى هَـزْل نميـلُ عـن الجِدِّ
ابن مهدي الرعيني
2 قصيدة
1 ديوان

علي بن مهدي الحميري الرعيني، (1) الملقَّب بالمهدي. أحد من دعا إلى نفسه بالإمامة في اليمن، في القرن السادس الهجري، اعتمدت في تحديد وفاته ما حققه د.مقبل الأحمدي في المقالة أدناه، وهو من شعراء الخريدة، أورد له العماد فيها قصيدتين وقال في ترجمته:

المهدي بن علي بن مهدي ملك اليمن في زماننا هذا، وسفك الدماء، وسبى المسلمين، وأقبل على شرب الخمر والعقار، وادعى الملك والإمامة ودعا إلى نفسه، وكان يحدث نفسه بالمسير إلى مكة فمات في الطريق سنة ستين، وتولى بعده أخوه وله شعر حسن يدل على علو همته، وما كان في نفسه من مضاء العزيمة وبعد الهمة في طلب الملك والفتنة. 

وترجم له الصفدي في الوافي فنقل ما حكاه العماد ثم قال: (ومن بيتهم أخذ اليَمَنَ السلطانُ صلاح الدين يوسف بن أيوب، على يد أخيه شمس الدولة. وكان ظهور المهدي هذا بالحُصَيْب، من معاقل اليمن؛ وفي ذلك يقول:

أَيُشـربُ الخمـر فـي رُبـى عدنٍ والمَشــرفيَّاتُ بالحُصـَيْبِ ظِمـا
ويُلجــمُ الـدينُ فـي محافلهـا والخيـلُ حـوليَ تعلك اللُّجُما

قوله بالحُصَيب: كذا هي في مطبوعة الوافي والخريدة والحُصيب كما في "معجم البلدان" لياقوت اسم الوادي الذي منه زبيد في اليمن، قال وقال الجمحي: والحصيب اسم مدينة زبيد.

ومن عجائب الاتفاق أن المقحفي في كتابه "معجم البلدان والقبائل اليمنية" يذكر في مادة القضيب ما يلي: (القُضيب بالتصغير قرية في وادي زبيد انطلق منها الأمير علي بن مهدي الرعيني سنة 546 لمحاربة آل نجاح الأحباش وقد قضى على دولتهم في تهامة وأقام دولته التي امتدت فترة حكمها إلى سنة 569هـ) كذا قال مصغرا.

وفي معجم ما استعجم للبكري: 

("قَضيِب" على لفظ واحد القُضْبَان، لا تدخله الألف واللام: وادٍ باليمن لمُرَاد. وقال أبن الحبيب: هو وادٍ بأَرض قَيْس عَيْلان" ) وقضيب له ذكر في كتب الأمثال في المثل (سال قضيب بماء أو حديد) وفي تاج العروس مادة قضب: وقَضِيبٌ: وادٍ معروفٌ باليَمَنِ، أَو بتِهامةَ. وفي لسان العرب: بأَرْضِ قَيْسٍ، وفيه قَتلَتْ مُرَادُ عَمْرَو بْنَ أُمَامَةَ، وفي ذلك يقولُ طَرَفَةُ:

أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ حَياًّ وهالِكاً بِبَطْـنِ قَضـِيبٍ عارِفـاً ومُنَاكِرَا

انتهى كلام الزبيدي في تاج العروس، وبيت طرفة المذكور ليس في ديوانه، في ستة أبيات ذكرها ياقوت في مادة قضيب في معجم البلدان. (وقد ألحقتها اليوم الإثنين 11 / 3 / 2019 بديوان طرفة)

وفي سيرة عمارة اليمني التي كتبها بقلمه وسمها(النكت العصرية في أخبار الدولة المصرية) كلام مطول عن علي بن مهدي، وصفه بقوله (الفقيه أبي الحسن بن مهدي القائم الذي قام باليمن، وأزال دولة أهل زبيد) قال بعدما وصف زيارته للداعي محمد بن سبأ في ذي جبلة ( فما من الجماعة إلا من كتب إلى أهل زبيد بما يوجب سفك دمي ولا علم لي حسداً منهم وبغياً مما تمّموا به المكيدة علي ونسبوه إلى أن علي بن مهدي صاحب الدولة اليوم باليمن التمس من الداعي محمد بن سبأ أن ينصره على أهل زبيد فسألني الداعي أن أعتذر عنه إلى علي بن مهدي لما كان بيني وبين ابن مهدي من أكيد الصحبة والاختصاص في مبادئ أمره لأني لم أفارقه إلا بعد أن استفحل أمره وكشف القناع في عداوة أهل زبيد فتركته خوفاً على مالي وأولادي لأني مقيم بينهم وحين رجعت إلى زبيد من تلك السفرة وجدت أولئك القوم قد كتبوا إلى أهل زبيد في أمري كتباً مضمونها أن فلاناً كان الواسطة بين الداعي وبين ابن مهدي وقد انعقد الأمر بينهما بوساطته على حربكم وزوال دولتكم فاقتلوه ... (إلى أن قال) (وخرجت حاجّا بل هاجّا إلى مكة سنة تسع وأربعين وخمس مائة)

(1) وهو في العسجد المسبوك للخزرجي (الورقة 62) علي بن مهدي بن محمد بن علي بن داوود بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن أحمد بن أبي الجماهر بن عبد الله بن الأغلب بن أبي الفوارس بن ميمون الرعيني الحميري .نقلت ذلك من مقالة للدكتور مقبل التام عامر الأحمدي نشر فيها مسمطة ابنه عبد النبي بن علي (مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق (89) الجزء (1) ص 103) وتفضل صديقنا البحاثة عبد الله السريحي بإرشادنا إلى نشرة هذه المسمطة. 

قال الإستاذ مقبل ملخصا ما حكاه أبو الحسن الخزرجي (ت 812هـ) في كتابه "العسجد المسبوك والزبرجد المحكوك": (وقد دامت دولة بني مهدي في اليمن خمس عشرة سنة وأشهرا (554 - 570هـ) وهي منسوبة إلى مهدي بن محمد جد صاحب المسمطة (والمسمطة هذه أرجوزة على بحر منهوك الرجز تقع في 188 بيتا وقد سمّطها على 47 قطعة كل قطعة 4 أبيات، ورثى بها والده صاحب هذا الديوان) وكان جده مهدي وأبوه علي بن مهدي يسكنون العنبرة من وادي زَبيد في أسفل الوادي، قرية قريبة من البحر، وكان مهدي رجلا صالحا سليم الصدر ونشأ ولده علي على طريقة ابيه في العزلة والتمسك بالعبادة. ولم يزل علي بن مهدي (554هـ) من سنة (531) كلما دخلت أشهر الحج يخرج حاجا على نجيب له إلى سنة (536) فكان يلقى علماء العراق ووعاظهم فيباحثهم في علومهم ويتضلع من معارفهم، فأظهر الوعظ وإطلاق التحذير من صحبة الملوك وحواشيهم.

وكان علي هذا رجلا طويلا أخضر اللون، فصيحا صبيحا، ملوّح الخدين طويل القامة مخروط الجسم ، حسن الصوت، طيب النغمة، حلو الإيراد، غزير المحفوظات بين عينيه سجدة،..وظهر أمره في سواحل وادي زبيد وكان يتحدث في أحوال المستقبلات فيصدق، وكان ذلك من أقوى عدده في استمالة قلوب الرجال، وكان أول ظهوره في سنة (531) وراج على الحرّة الملكة علَم أم فاتك بن منصور (545هـ) فأطلقت له خراج أرضه وأراضي من يلوذ به من قريب أو صاحب وذلك سنة (536) فلم يمض لهم هنيهة حتى أثروا واتسعت بهم الحال.

ثم أتاه قوم من أهل الجبال فحالفوه على النصرة له، وكانت بيعته بالقضيب من وادي زبيد، وكانت بيعته الثانية بالقضيب أيضا سنة (545) وتوفي يوم السادس من شوال سنة (554) (الموافق يوم 20/ 10/ 1159م) فكانت مدة ولايته في زبيد شهرين وواحدا وعشرين يوما وقد ظلت دولة بني مهدي قائمة الأركان حتى ألانها الأمير علي بن حاتم اليامي الهمداني (597هـ) ثم أزالها توران شاه بن أيوب (577هـ) حين اقتحم مدينة زبيد يوم الإثنين التاسع من شوال سنة (569) وقبض على السيد عبد النبي وإخوته فبقوا في الأسر إلى أن أذن صلاح الدين لأخيه توران شاه بالعودة من اليمن فأمر توران شاه بشنق بني مهدي وكانوا ثلاثة في الأسر وهم عبد النبي وأحمد ويحيى فشنقوا حينئذ على باب الخان بزبيد في شهر رجب من سنة (571)

وكان اجتمع لعبد النبي ملك التهائم والجبال، وانتقلت إليه أموال ملوك اليمن وذخائرها، فكان في خزانته ملك خمس وعشرين دولة من دول أهل اليمن.

وفي مسمطته قوله:

ولـــــو علمــــت منصــــبي ومـــن انـــا ومـــن أبـــي
لطفـــــت حــــول مــــذهبي مصــــــــليا مســـــــلما
أنــا ابــن مــن جـر القنـا والخيــــل تجـــري ســـننا
يلقـــى الخميـــس الأرعنـــا والقيــــــروان الأدهمـــــا
أنـــت المجلـــي يــا علــي وصـــــــاحب التبتـــــــل
للـــه أنـــت مـــن ولـــي وقـــــــائد عرمرمـــــــا
أعــــززْ علــــي أن تـــرى مغيّبــــا تحــــت الــــثرى
فلــــو نَبــــذت بــــالعرا ملأت قُطريهـــــــا دمــــــا
1159م-
554هـ-

قصائد أخرى لابن مهدي الرعيني

ابن مهدي الرعيني
ابن مهدي الرعيني

قال العماد: ولما كثر بالعراق من أجفل من اليمن خوف ما بها من الفتن أنشدني له الشاعر الذي كان مقيماً باليمن وقدم العراق أبو محمد بن عتيق المصري ابن الرفا يهدد قوماً من اليمن: