أكذا تفارقنـا بغيـــــر وداع
الأبيات 44
أكـــذا تفارقنــــا بغيـــــــر وداع يــا قبلــة الأبصــــار والأسمــــاعِ
مــاد الوجــــود وزلـــزلت أركانــه لمــا نعــاك إلـى العـــروبة نـــاعِ
مـــاذا عســى شعـــرى وخطبــك آخــذ بــالقلب أم مـــاذا يخـــط يراعــى
يــا صــاحب الوجــه النبيــل وحامـل الخطــب الجليـــل، وقمــــة الإبــداع
يــا مــن تخيـــرك الإلـــــه لأمــــة محفـوفــــــة بالغـــــدر والأطمـــاع
كـــم أصـــبحت هـــــدفاً لصـــــولة غاصـــب ومبـــاءة لمــــذلة وضـــياعِ
مـــازلت تنهضــــها بكــف معالــــج ذى خبــــــرة بمــــــواطن الأوجـــاعِ
حــتى نفخــت الـــروح فـى أوصــالها وأقمـــت واهـــى صــرحها المتــداعى
وأمطــت أقنعـــة اللئام وزيفهـــــم حتـــى بـــدوا فينـــا بغيــر قنــاعِ
زنــت السياســـة إذا حملـت لواءهــا وجلوتهــــا مــن ريبــــة وخـــداعِ
فغــدوت مثــل الأنبيــــاء كـرامـــةً أو كالمـــــلائك فـــى سمـــو طبـــاعِ
الشـــرق لــم يَــكُ للضــريع بحاجــة لكنــــه فــــى حاجــــــة لشجـــاعِ
يغـــرى المزاعــم بالبيـان إذا سـعى بالـــدس فــــى أرض العـــروبة ســاعِ
وكـــذاك كــــنت شجــــاعة وأصـــالة وبيــــان وضـــــاح الأســــــرة واعِ
أكــــذا تفارقنــــا بغيــــر وداعِ يـــا منيـــة الأبصــــار والأسمـــاعِ
أكـذا تفارقنـا و "سينـــا" لم تـزل تجتـــاح بيـــــن ثعـــالب وسبــــاعِ
وشــواهق "الجـــولان" عنـد مكابــر متزايــــــد الآمــــال والأطمـــــاعِ
"والقــدس" فى أيدى اللئام "تشبثوا" منهـــا بأشــــرف تربـــــة وبقـــاعِ
وبنــو فلســطين الشهـــيدة أعــين تدمـــى القلـــوب بصــرخة الملتــاعِ
أزمعــت عنــا يــا جمــال مكــرمــاً فينـــا ولكــــن لات حيــــن زمـــاعِ
يـا ليلـة مـن شـهر يوليـــو أسـقطت عــــرش الممـــالك مــن أجــل يفــاعِ
كــانت مــع القـدر الشــريف بموعــد وافتـــه بيـــن الخَــبِّ والإيضــــاعِ
والــدرب حولــك بالمخاطـــر حافـــل لــم تخــش مـــن شـــوك بـه وأفـاعى
فــإذا بمصــــر مــع الشعــوب طليقـة مزهــــوة الفلـــــوات والأصقـــــاعِ
وإذا بفــــلاح التــــــــراب مملـــك فـــى كـــل شبـــــر عنـــده وذراعِ
حررتـــــه مــــن ذلـــه وإســــاره ونزعتـــه مـــن قبضـــــة الإقطــــاعِ
وإذا ميــاه الســــد تغمــــر أرضـه فتحيلهـــــا ورديـــــة الإينـــاعِ
وإذا بروحــك وهــو عــــزم ثائـــر يســـرى بــروح شبابـــه الأيفــــاعِ
وإذا فلسطيـــن الحبيبــــة قلعــــة للثــــأر بيــــن جحـــافل وقــــلاعِ
وإذا بهــذا الشــــرق بعـد همـــوده عرفـــات جبـــار ومهــــد صــــــراعِ
قسمــــاً بوجهـــك لـن نعيـش وبيننـا متسلـــــط بالــــدس والإيقــــــاعِ
وبمنطـــق الجبـــروت نأخـــذ حقنــا قســــراً وليـــس بمنطــــق الإقنـــاعِ
إنــا كمـــــا علمتنــــا وأردتنـــا لـــن نستكيـــــن لواقـــع الأوضـــاعِ
أكــــذا تفـارقنـــا بغيــــــر وداعِ يـــا زينـــة الأبصـــــار والأسمـــاعِ
غفــــرانك اللهــــم لســت مصــــدقاً ولــــدىَّ للشــــك المـــريب دواعــى
لكنـــه الإنســـان يؤثــــر ضـعفـــه حينـــاً ويجبـــن أن يصـــيخ لـــداعِ
أجمـــال إنــك إن رحـــلت مفارقــاً ودعــــاك للعليـــــاء أكـــــرم داعِ
فلأنــت مـــن أرواحنــــا وقلــــوبنا مهمــا اســتطال العهــــد قيــد ذراعِ
كلمــات قلبــك ســوف تبقــى دائمــاً فـــى كــل قلــب مصــــدر الإشعـــاعِ
لا يستـــــرد بغيـــر قـــوة ساعـــدٍ حــــق أضـــــيع بقــــوة وصـــــراعِ
يــا فخـــر هـذا الشــرق يـا ملاحَـه وزعيـــــم نهضــــته بغيـــر نــزاعِ
يــا مــن بكفــك صغتــــه وصنعتــــه أكــــرم بكــــف للشعــــوب صــــناعِ
نـم فـى جـوار اللـه وانعـــم عنــده بكريــــم مصـــطحب وحســـن متــــاعِ
خـــرجت لــك الجنـــات تكــرم وافـدا والأرض قــــد خـــــرجت ليـــــوم وداعِ
الهادي آدم
7 قصيدة
1 ديوان
الشاعر هادي آدم الهادي، ولد في مدينة الهلالية في السودان تخرج في كلية دار العلوم بالجامعة المصرية وحصل علي درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها، وحصل علي دبلوم عال في التربية من جامعة عين شمس، ثم حصل علي الدكتوراه الفخرية من جامعة الزعيم الأزهري بالسودان وعمل معلما بوزارة التعليم بمدينة رفاعة .

للشاعر آدم شعر وافر وله دواوين، اشهرها ديوان «كوخ الأشواق»، الذي يعده النقاد من أفضل ما قدم للأدب وللمكتبة السودانية، وكتب في مجالات الإبداع الأدبي الأخرى، واشهر ما كتب في هذا المضمار مسرحية باسم «سعاد». كتب عدة أشعار منها قصيدة أغداً ألقاك التي غنتها المطربه أم كلثوم. فيما كتب العديد من القصائد آخرها قصيدة لم تنشر بعد بعنوان (لن يرحل النيل)يصور فيها بريشة الفنان ذكرياته العزيزة التي عاد يتفقدها في حي منيل الروضة الذي سكنه في صباه.

ويعتبر النقاد في الخرطوم الراحل آدم، 80 عاما، أنه ظل لعقود في مصاف الشعراء الكبار، ليس على مستوى السودان، وإنما على مستوى العالم العربي. ورغم انتمائه لجيل سابق للحركة الشعرية المعاصرة، فإنه يعتبر من الشعراء المحدثين.

والهادي آدم من المعلمين القدامى في السودان في شتى المراحل الدراسية، خاصة المرحلة الثانوية العليا حيث درس في مدرسة حنتوب الثانوية. ويشهد له النقاد ودارسو تاريخ الأدب في بلاده، بأنه من أوائل الذين ساهموا في نهضة الشعر في البلاد، من خلال الجمعيات الأدبية التي كان يشرف عليها في المدارس التي عمل فيها في شتى بقاع السودان.

يذكر أن قصيدة «أغدا القاك» اختارتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم من بين عشرات القصائد التي قدمت لها إبان زيارتها للسودان في عام 1968 م.و للشاعر الكبير مجموعة شعرية كاملة تضم كل أعماله الشعرية (كوخ الأشواق ونوافذ العدم وعفوا أيها المستحيل وتمت طباعة هذه المجموعة عن طريق مؤسسة أروقة الثقافية.

من أعمال الشاعر الهادي آدم مرثيته للرئيس العربي الراحل جمال عبدالناصر والتي تعتبر من القصائد الجميلة وهي بعنوان “أكذا تفارقنا ”:

 
2006م-
1427هـ-