لكَ اللهُ من جرّارِ للمجد والعلا
الأبيات 57
لـكَ اللـهُ مـن جرّارِ للمجد والعلا وقـد نلـتَ غايـاتِ السيادة والقَدْرِ
وإنـي إذا أُحْيـي الصـداقةَ بيننـا فـأنتَ الـذي أحييـتَ ذكرَها بالنَّشْر
إليــكَ أخــي منــي بشــوقٍ تحيّـةً يردّدهـا الشـحرورُ فـي ربوة الزهر
تُطاوعــكَ الآمــالُ فــي كـلِّ مـوطنٍ تُـؤرّخُ فيـه مـا يروقـكَ فـي العصر
وتنــثرُ دُرّاً فــي تراجـم مَـن علا علـى غيـره بالعلم والشِّعر والنّثر
تُقلّـــده فيـــه عقـــودَ لآلىـــءٍ فيحيـا بها ذاك المُتَرجَمُ في الذكر
وبعــدُ فهــذي قصــّةٌ قـد نظمتُهـا تفكّـهْ بهـا ليلاً إذا كنـتَ لـم تُسْر
بعثـتُ بهـا والشـوقُ أحـرقَ مهجـتي إلـى مـن غزتْ قلبي عيونُها بالشُّفر
وعــزّتْ عـن الوصـف الـدقيق لأنهـا فريــدةُ عصـرٍ فـي شـمائلها الغُـرّ
وسـارت إلـى تطـوانَ تطـوي مراحلاً كطـيّ ظبـاءِ الرمـل في مَهْمَهِ القفر
وأبقـتْ علـى الأرجـاء عنـد مسيرها عـبيراً كـأنّ المسـكَ فاح من القَطْر
وحلّـتْ بهـا كالشـمس عنـد شـروقها فتمّتْ بها الأفراحُ في السَّهل والوعر
وتـاهتْ كمـا شـاءتْ وهـزّتْ معاطفـاً وسـارت إلـى ملهاها في قُبّة النصر
ولــم تتــذكّر مَـنْ غزتْـهُ عيونُهـا وأمسـى صـريعاً مـن هـواه بلا سـُمْر
فقمـتُ أنـادي فـي الـديار بـأنني بقيـتُ بلا قلـبٍ فهـل أنـا بالصـدر
وأصــبحتُ فـي قـومي رهيـنَ صـبابةٍ غـدا قلبُه بالشوق يُصْلَى على الجمر
ويمّمــتُ فــي جُنْـح الظلامِ ضـياءها لأبصـرَ مـن أهـوى هنـاك لدى الفجر
وقلــتُ لنفسـي تبـدئين بمَـنْ غـدتْ محاسـنُها تسـبي عقـولَ ذوي السـحر
فقـالت ومـن ذا قلـتُ ذاك الذي بهِ مجالسـُنا تسـمو عـن اللهو والخمر
عزيــزٌ علــى نفسـي وصـالُهمُ فقـد عرفتُهـمُ قِـدْماً مـنَ الأنجُـم الزُّهْـر
فقـالتْ وهـل نمشـي لـديهم بجمعنا فقلـتُ لها أخشى الفضيحةَ في المِصْر
ولمــا طرقــتُ الحـيَّ أسـأل عنهُـمُ أجـابتْ نسـاءُ الحـيّ إنه في القصر
فقـالتْ غريـبُ الـدار ليـس بجاهـلٍ منـازلَ مَـنْ يَهوَى ولو شاطىءَ البحر
ولكــن تبــدّتْ غــادةٌ مـن تِطـاونٍ وقـالت هنـا فامكثْ لدينا أبا بكر
فقلــتُ لهـا غيـداءُ كيـف عرفتِنـي فقـالت وهل يخفى الضياء من البدر
فقلــتُ لهـا واللـهِ وجهُـكِ شمسـُنا ومنـه اسـتعار البدرُ نورَه فَلْتدري
فقــالتْ وهـل عنـدي لشخصـكَ حاجـةٌ فقلـتُ لهـا رشـفُ الرضابِ من الثغر
فقــالت وهـل تشـفي أُوامَـكَ رشـفةٌ فقلـتُ لهـا حسـبي لَمَـاكِ من السُّكْر
فقـالت وهـل تبغي عناقيَ في الدُّجى فقلـتُ رعـاكِ اللـهُ في ليلةِ البدر
فقـالت وهل نلقاكَ في الصبح من غدٍ فقلـتُ لهـا يـومَ القيامـةِ والحشر
فقــالت خليلاً قــد هَـويتُ مُعاكسـاً مـتى رمـتُ منه الوصلَ قابل بالهَجْر
فقلــتُ لهــا إنــي وحقِّــكِ فاضـلٌ يخـاف مـن المولى وقوعَه في الوِزر
فقـالت كلانـا فـي الفضـيلة ناشىءٌ ولكـنْ وصـالي فيـه حـظٌّ مـن الأجـر
فقاطعتُهـا لِينـاً وقلـتُ لها اسمعي حـديثَ الهـوى ليلاً معَ الأنجُمِ الزُّهْر
خـذيه علـى وجـه الروايـة واحفظي متـونَ الهـوى خوفَ التبوّءِ في الحرّ
وسـيري إلـى تلـك الـديارِ وحـدّثي بمـا قد رَوَيْنا بالسَّماع عن الزُّهْري
بــأنّي علـى تلـك العهـود محـافظٌ أُجـدّدها يـومَ العَروبـة فـي العصر
وإنــي إلــى تلـك المجـالس شـَيّقٌ أطـالعُ فيهـا مـا حـوتْه من الشِّعر
فأفحصــُهُ فحــصَ الطــبيبِ فلا يُـرى عليلاً بخَبْـنٍ أو بخَـرْمٍ لـدى النَّشـْر
لأنــي نظمــتُ الشــِّعرَ غيـر مهـذَّبٍ أتـاني بـه طيفُ الخيالِ لدى الفجر
فقمـتُ سـريعاً مـن فراشـي وفي يدي صـحائفُ لـم تُكتـب بشـيءٍ من الحبر
فســـجّلتُه فيهـــا بغيــر رويّــةٍ فكـان لـدى الإنشادِ نوعاً من الهُجْر
لــذلك أرجــو منكـمُ نقـدَهُ الـذي يكـون كمثـل الشهد في ألسُنِ الزهر
ونُثنـي علـى مـن كـان نشرُه سابقاً تراجــمَ أعلامٍ تزيــدُ علـى العَشـْر
ونســألُ منــه أن يزيــد عليهــمُ إذا كان في الإمكان مَنْ غاب عن فكر
كــذلكِ ســُؤْلي أن تكــوني وفيّــةً بمـا أرتجيـه مـن عفـافٍ ومـن طُهر
فقــالت يميــنَ اللـه إنـي وفيّـةٌ لأن الوفـا بالعهـد مـن شـِيَم الحُرّ
فصـدّقتُها فـي القـول واللـهُ عالمٌ بمـا أضـمرتْ والبحـثُ نوعٌ من الشرّ
وفارقتُهـا والقلـبُ ذاب مـنَ الجَوى لأنـي علـى وشـك الـذهابِ مع السَّفْر
وأُبـتُ إلـى ثغـر الرباط مع الملا أحـدّثهم ذاك الحـديثَ عـن الزُّهـري
حــديثٌ شــهيٌّ دار بينــي وبينهـا ولـم يـكُ شيءٌ بعدُ في السرِّ والجهر
وإن كنـتَ مـن أهل الصبابةِ والهوى فشـنّفْ بـه الأسـماعَ بين ذوي النَّقْر
ورَدِّدْهُ فــي نـادي الغَـواني برنّـةٍ تهـزّ بـه الأعطـافَ رقصـاً مع الخَصْر
وإيــاكَ فيــه أن تكــون مُهرِّجــاً فتُطـردَ مـن أهـل الولايـة بـالزجر
لـذاكَ اجتنـبْ مـا فيـه سـوءُ مغبّةٍ لعلَّـكَ يومـاً أن تصـير إلـى الخُسر
لأن زمــانَ الزَّهــوِ ليــس بــدائمٍ ففيـه اغتنمْ صفوَ الحياةِ مع اليُسْر
فــإنَّ حيــاةَ المـرءِ لغـزٌ مطلسـَمٌ وفكُّـــهُ مرهــون ٌبعاقبــة الأمــر
أبو بكر بناني
1 قصيدة
1 ديوان