هو الحب داء للنفوس محبب
الأبيات 39
هــو الحــب داء للنفــوس محبــب وإن كــان كــل العاشــقين يعـذب
وإن كــان لا يرثــي لصــب مــدله بـراه الهـوى فهـو الأسـير المعذب
وإن كـان يصـلي الصـب جمـر صبابة ويــــوغله فيهــــا ولا يتعتـــب
هــو الحــب داء لا دواء لـه سـوى وصـال كمـا شـاء الحـبيب المعـذب
هـو الحـب فـي كـل الأنـام مسـيار فمـن شـاء يرضـيه ومـن شـاء يغضب
هـو الحـب ملـك فـي النفـوس محكم فمــا هـو قـاض كلنـا فيـه نرغـب
هــو الحـب أنـواع كـثير مريـدها وكــل امـرئ منـا لـه فيـه مـذهب
وإن الـذي أختـار لـي فيـه مذهبا لمنزلــة عليـا لهـا الحـر يـذهب
هـي الـذكر بالحسـنى ومـدح مـآثر أخلــدها مــن بعـد مـوتي وأذهـب
وإن كنــت لا أرضــى بمـدح ممـاذق وإطــراء أحبـاب وإن لـي تقربـوا
سـوى مـدح نفسـي لـي بنفسـي لأنها بمحصـــولها أدري ومـــا تتطلــب
لأنهــــم إن يمـــدحوني ثبطـــوا عــزائم منــي أقتفيهــا فــأطلب
وفـي سـبل العليـاء أكـدح جاهـدا وأســعى حثيثــا للمعــالي وأدأب
أقــوم بنفســي للمكــارم بانيـا تشـــرفني نفســـي الأبيــة لا الأب
ورب فــتى وطـى علـى الـذل نفسـه ليـــدرك أوطــارا لهــا يتقــرب
فيــا بـدر لا أرضـاك خلا وإن تكـن تؤنســــني ليلا فســــوف تغـــرب
وكـم يعتريـك الكسف آنا وربما اح تجبــت فلــم تطلــع وآنـا تغيـب
علــى أننـي قـد أرتضـيك تنـازلا صــديقا علــى أن لا يكــون تجنـب
وإلا فـــدعني والليــالي فإنهــا تـــدربني إن الليـــالي تـــدرب
فقــد علمتنــي الحادثـات تحرسـا علــى أننــي منهــا مضـري مـدرب
ولســت ببــاغ بعـدها لـي معلمـا وحســبي بهـا شـيخا لخلقـي تهـذب
فأيـــامي الملأى فـــوائد جمـــة لهـا الفضـل حـتى لـو علـي تغلـب
فكــم منحتنـي فرصـة لـم أخلهـا تمــر ولـم أعـرف بهـا مـا يرغـب
وألقــت علــيّ فــي دروس عديـدة تعــالي فيهــا مــا يسـر ويعجـب
ومـذ كان هذا الدهر وهو يعلم إلا نــام تكــاليف الحيــاة ويهــذب
وكــم قـام فيهـم واعظـا بفصـاحة وكـم قـام فـوق منـبر الكون يخطب
يعلمهـــم بالـــدرس درس حــوادث وبــالأحرف الكــبرى يخــط ويكتـب
يعلمهــم كيــف الحيـاة وسـيرها وكيـف كمـال النفـس يـؤتى ويطلـب
ولكنهـم لـم يفهمـوا مـن خطـابه سـوى أنهـم يغذوا ويكسوا ويشربوا
ولم يفهموا معنى الخطاب الذي به يحــادثهم فــي كــل يـوم فيطنـب
ومـن كـان منهـم كـاملا عنـد ظنـه أغــار علــى قــوم يعيـث ويغصـب
لأنهـــم لمـــا يتمــوا دروســهم ولـو أنهـم قـد تممـوا ما تهذبوا
وكلهــم يمضــي ومــا إن تكـاملت معـارفهم بـل يتركوهـا ويـذهبوا
يخلــونه وهــو الممــض لفكــره يقـول فيفضـي فـي المقـال ويغـرب
ويمضــون ناســين النصـائح جملـة وراضــين عقـبى حالـة ليـس تعجـب
فيـا هـل تـرى أنـي أتـم دراسـتي لهـا أو أخلـي الـدهر يهذي ويصخب
وهــل أنــا إلا واحـد مـن خليقـة أصـير لما صاروا وأسبي كما سبوا
وتعتـاقني فـي السـير عرقلة بها يخــور جميــع الســائرين وينصـب
أرى المـوت للدهر العدو ويعيث في تلاميــذه عيثــا فيــردي ويــذهب