الأبيات 193
آلهة الشعر أفيضوا من سناكم لمحات | |
على فؤاد حجبت عنه الغيوم النيرات | |
فضل تائها عن الكون يناجي الآلهات | |
قد عصفت موج الرياح بالجبال الراسيات | |
وأقلعت عن راسها تلك الشموس المشرقات | |
وهي الامارة وتاج الملك في المرتفعات | |
وأظلم الكون البهيج وتوارت الحياة | |
وانتشر الغيم ونامت الجبال كاسفات | |
ففزعت لربها وهي تموت حسرات | |
وشكت الأمر إليه بلسان العبرات | |
فغضب الأطلس واحتد بفعل العاصفات | |
وهو ذو الحمى المنيع وأمير الشهقات | |
قد نظمت له الحماية ذئاب الفلوات | |
واحتضن الذئب أخاه يا لها من معجزات | |
فقام سيد الحمى بحجب نور الكائنات | |
ويقبض الشمس بكفيه ويكسو الجبهات | |
وعدها إهانة للتاج من يد الجناة | |
فسار كالمنتقم الجبار يقطع الفلات | |
على الرياح وقضى بأن تعود للشتات | |
وامتد في سلسلة تمنعه من الغزاة | |
وجاءت الريح تنوش وتعيد الخطوات | |
فهز راسا شامخا يقطع عنها الحركات | |
فلثمت أقدامه وردت المختلسات | |
وظهرت بين الغيوم لمعات التضحيات | |
وانقشع الغيم وعادت العيون مبصرات | |
وأشرق الكون البهيج واستنارت الحياة | |
وإن هذا مثل يعطيك بعض النظرات | |
انتشرت فوق الذرى الشم الجيوش الظافرات | |
تنوء بأعبائها على الجبال الراسيات | |
وهي تفيض بالحماس وتعد التضحيات | |
للوطن الغالي المفدى بدماء المهجات | |
تهدف لاستقلالنا ولإبادة الطغاة | |
يا نسمة التحرير هبي في البلاد عاصفات | |
الشعب أصبح يئن تحت عبء النكبات | |
قد قصفت به الرعود في الليالي الحالكات | |
وزلزلت عزته وحكمت يد الطغاة | |
فظهرت فوق الحمى الأسراب بالمحركات | |
ففرقت سرب النسور والأسود الرابضات | |
وقطن الجند البغيض بمعاقل الأباة | |
باسم الحماية وحفظ الأمن تحتل الغزاة | |
أرض الفخار فتصير عندهم مستعمرات | |
فأظلمت تلك البقاع الطاهرات المشرقات | |
وانتشرت طلائع الجيش على المرتفعات | |
مثل الذباب تتهافت على المستنقعات | |
تروي الظما وتقمع الجوع بأكل الحشرات | |
وتنشر العدوى وتغدو وتروح راقصات | |
ظلم الشعوب للشعوب سنن متبعات | |
في الكون لكن الجزاء يتناول الطغاة | |
كما تدين يا فتى أنت تدان في الحياة | |
جند الحماية البغيضة فآه للحماة | |
تحمي الدمار بالدمار وتزيد السلطات | |
على الشعوب الواقعات تحت حكم النكبات | |
وا أسفا واحسرتا على العروش النازلات | |
ترزح تحت النار والحديد والمصفحات | |
وتنتهي أنفاسها بين مخالب البزاة | |
فيا ترى ما تحدث الأيام من تقلبات | |
إن بلاد المغرب الأقصى بلاد الغيرات | |
منحدر الشمس ومطلع شموس التضحيات | |
فمنذ كان وهو معقل الأباة والغزاة | |
فلم يحق دمه في الأرض منذ سنوات | |
وسيفه المخضوب لم يخف عن رأس الجناة | |
من عهد الاحتلال والمغرب قطر الغزوات | |
قد فرضت له الحماية كفرض الواجبات | |
وجاءت النكبة للعرش بأم النكبات | |
فزلزلت عزته وسلبت منه السمات | |
ونزل العرش لها منحدرا للصدمات | |
فأقلع الشهم الغيور عن زخارف الحياة | |
ونبه الملك وقال بصريح اللهجات | |
بأن سلطان الحماية سليب السلطات | |
لم يرضه الله ولن أرضاه في الممتلكات | |
فبقي العهد الحفيظي حفيظ الذكريات | |
ونفي الشهم إلى باريس مدة الحياة | |
ومنذ ذاك والكفاح يتخطى الواجهات | |
والشعب يظهر الفدى ويتحدى التضحيات | |
فنهضت فاس الأبية لخوض الغمرات | |
وأعلنت على الجهاد في سبيل الحريات | |
لأجل الاستقلال في الحكم وإقصاء الطغاة | |
فدعت الأغيار والأسد الغضاب الثائرات | |
في السوس والأطلس والريف وكافة الجهات | |
ولبثت ربع قرن تستدر النجدات | |
وبعد ما أخمدها الطغيان بالمؤامرات | |
مع الرؤوس الماكرات والنفوس الغادرات | |
نامت على الجمر وقامت الحروب الباردات | |
فسل جبال الأطلس الشم عن المقاومات | |
وسل مغاور الحمى عن الحروب بالمنشآت | |
في الثكنات والثغور والحصون المانعات | |
سل فتكات البربر الحمر الغواني المنكرات | |
سل زين المناوي المشهور عند الأزمات | |
سل شبله حمو الذي ما انفك يولي الحملات | |
على العدى ويفصل الجيش ويفنى الوحدات | |
وسل أخاه الليث حامي السوس والمنحدرات | |
فهبة الله أجل بطل المقاومات | |
قد أشرفا على النضال في أناة وثبات | |
وجمعا السوس الخضم ليخوض الغمرات | |
سل التلال والجبال والصحارى المشرقات | |
عن الدماء الموصلات والجيوش المفصلات | |
وسل كتائب الرمال عن كتائب المشاة | |
وسل ليوث ابن ورين الثائرات الغاضبات | |
سل سيدي حو البطل السوسي حامي الثكنات | |
وسل مجاري سبو ووادي ورغى القانيات | |
الجاريات بالدماء الحاملات للرفاة | |
وسل حروب الريف تنبيك بكل المكرمات | |
سل الخطيب فارس المضمار قاضي القضاة | |
سل العصامي الأبى عن مكايد الطغاة | |
من عظمت همته عن كثرة المساومات | |
لم يرض أن يهضم الريف بالمؤامرات | |
أو يطأ الترب الحرام مستبيح الحرمات | |
فهب هبة هزبر روعته اللفحات | |
لم يرض أن تمس أرضه يد التغيرات | |
فقام يدعو الناس للفدا وصد الهجمات | |
وجمع الأغيار في القبائل المجاورات | |
وقال في صراحة وحكمة وموعظات | |
الريف ريفكم إذا ما قمتم بالواجبات | |
يا قوم ماذا تبتغون بعده من ملمات | |
قد حبب الله الجهاد للنفوس المومنات | |
فدونكم بني ومالى ودمائي قربات | |
يا قوم هبوا وارفعوا أكفكم بالدعوات | |
انعقد اللواء واصطفت جيوش الحملات | |
وطلعت أشباله تسوس في المقدمات | |
ونظموا جيشا يفيض عددا ونسمات | |
فيه البطولة تسير وتنير التضحيات | |
فيه الكفاح الصادق البر لنيل الحريات | |
فيه الجلال والمهابة وصدق العزمات | |
فيه الشباب والكهول والنساء الريفيات | |
يسلن بالألحان والأنغام ماء المهجات | |
يبذلن للريف أعز ما لهن في الحياة | |
فرضي الريف عليهن وقامت صلوات | |
فهللوا وكبروا وانطلقوا للغزوات | |
لن تخذل الإسلام هذه الجيوش الظافرات | |
فنشر الريف بنوده فسالت وحدات | |
وقصف الريف رعوده فخرت صاعقات | |
على العدى تسحقهم سحقا وتهوى الثكنات | |
فأرهب الأعداء في مختلف المعسكرات | |
وجرد السيف المبارك بكف المعجزات | |
محمد عبد الكريم بطل المقاومات | |
منازل الأعداء في الريف وشتى الواجهات | |
من ملأ التاريخ مجدا وعلا ومكرمات | |
وأكسب البلاد صيتا بلبل المجتمعات | |
هز عواصم أوربا والقرى المجاورات | |
واخترق السبع الشداد والطباق المغلقات | |
وبقيت أصداؤه ترن في المنتديات | |
لم ينم الغرب لها وأكثر التحفظات | |
من عمل قد يمنع الغزو عن المستعمرات | |
في الشرق والغرب وكانت آنذاك حركات | |
تناوئ المستعمرين وتنازل الغزاة | |
أوقدها حربا ضروسا لإبادة الطغاة | |
دارت رحاها بالعدى نزلت كالصاعقات | |
تنسفهم نسفا وتوليهم أحر الضربات | |
أتت على الاسبان فاضطر إلى المسالمات | |
وطأطأ الرأس أمام شفرات المذبحات | |
فنفس الغرب عليه بحمى العصبيات | |
فخشي الصليب أن يفنى وتبقى الصومعات | |
ويسترد البطل المغوار روعة الحياة | |
للأندلس وتعاد ذكريات غاليات | |
فجندوا جنودهم بالسر والعلانيات | |
وألزموا الاسبان أن يهرع للمحالفات | |
مع الفرنسين وكانت بينهم منافسات | |
على حدود بلدة الصون وأرض المكرمات | |
وقد تنازل له عن سائر المنحدرات | |
وأسفا على بلاد قسمت كالتركات | |
والإنجليز يلعب الشطرنج بين القافلات | |
وبطل النضال لا ترهبه التكتلات | |
فظل صامدا أمام القوم يولي الحملات | |
عليهم بالرزء والثكل وحصد النسمات | |
يركب جنح الليل في السهل وفي المنعرجات | |
ليضمن الفوز ويحمل على المعسكرات | |
فروع الأعداء واشتدت عليهم أزمات | |
واضطرهم إلى اتخاذ كثرة المجاملات | |
والاعتراف بحقوق الريف في المقدمات | |
فعرف اللصوص ما هو جزاء السرقات | |
وعرف الأحرار كيف يبذلون التضحيات | |
وأرسل الوفد إلى جنيف في المنظمات | |
فاتخذ انهج السياسة وبذل المشاورات | |
وآملا بأن ينال منهم المصادفات | |
على التحرر والانتماء بالجمهوريات | |
فلم يجب لشيء في تلك النوادي الماكرات | |
وحينما شعر بالضعف وشل الحركات | |
وطلب النجدة من بعض العروش المسلمات | |
ولم يجب بغير عون الله في المكاتبات | |
وافترقت جموعه بكثرة المؤامرات | |
أسلم نفسه وأهله إلى المعسكرات | |
وأخذوه بطلا حرا كريم النزعات | |
وحملوه مبعدا إلى الجزر النائيات | |
وبقيت أعماله مثل الشموس المشرقات | |
من بعد ما أدى لشعبه عظيم الخدمات | |
تفيض بالأنوار في كل النواحي والجهات | |
حاملة إلى العوالم صدى المقاومات | |
تعلن أن الله في عون مريدي الحريات | |
قد اصطفى أخاه للفوز بنيل المكرمات | |
موسى وهارون تآزرا لخوض الغمرات | |
فصنعا متحدين سر هذي المعجزات | |
ضمهما المنفى معا كالقبر إذ ضم الرفات | |
على الوفاء للبلاد في الحياة والممات |