الأبيات 144
هـــذه رامــة وهــذي رباهــا فاحبسـا الركـب ساعة في حماها
وأنيخــا بهـا المطايـا وميلا للــثرى وانشـقا أريـج شـذاها
وقفــا بــي ولــو كلـوث ازار عـل نفسـي تنـال منهـا مناهـا
واســائل طلولهــا عــن ظعـون ســار قلــبي لســيرها وتلاهـا
واؤدي لهـــا يســـير حقـــوق مــن كـثير وأيـن منـي أداهـا
مغـــن حـــوت لحســـن غــوان تتــوارى الشـموس تحـت ضـياها
مــن ظبــاء كــوانيس بخــدور حجبتهـــا ليوثهـــا بضــباها
يــا خليلــي لا تلومـا خليعـا خلعــت نفســه غــرام ســواها
واسـعداني سـعدتما فـي غرامـي ان خيــر الصـحاب صـحب صـفاها
أو دعــاني بهــا أبـث شـجونا كلمــت مهجــتي كلــوم مـداها
أنافيهـــا مـــتيم وغرامـــي شــاهد أننــي قتيــل هواهــا
كيــف تهـوى الملام نفـس معنـى كـثرة اللـوم فـي الهوى أغوها
مــا لنفســي وللســلو وهــذا دمعهــا أهرقتــه سـرب دماهـا
صــــيرته خضــــابها لا كـــف وخــدود قــد صـرت مـن قتلاهـا
لسـت أنسـى وكيـف أنسـى زمانا قــد تجلــت أيــامه بصــفاها
وليـال قـد أقمرت بوصال العين مـــن غيـــدها وشــط نواهــا
زمــن أينعــت ثمــار الامـاني لــي فيــه وأتحفتنــي جناهـا
حيـث لـم نلـف واشـيا ورقيبـا نتقــي منهمــا وقــوع جفاهـا
فتـــولى كـــأنه ومضــة مــن برقــة أو كخفقــة مـن كراهـا
يـا رعـى الله تلك أوقات انسى تـم حسـن الزمـان مـن حسـناها
كــم بـه مـن لبانـة أنعشـتنا باجتنــا صـفوها بوصـل مهاهـا
فقضـــينا بــه مناســك عشــق حيــث احرامنــا بلبـس هواهـا
ثــم قــد ضــمنا معــرس وصـل فأفضــنا بــه لــورد لماهــا
ثــم حلــت نفوسـنا مشـعر الام ن ونـالت مـن بعـد ذاك مناهـا
فنحرنــا هـدي الجـوى وحلقنـا مــن وشـاة لنـا شـعور رجاهـا
وقــذفناهم برمـي جمـار البـع د عنـــا فـــأحرقتهم لظاهــا
ثـم طفنـا بكعبـة الحسـن منها واعتكفنــا بهـا بهجـر سـواها
واسـتلمنا لاسـود الخـال منهـا وشــفاة قــد أنعشـتنا شـفاها
وســـعينا بصــفو عيــش هنــي مــــرء لا بمـــروة وصـــفاها
فأراشـت لنـا الليـالي سـهاما مـن صـروف النـوى فجـد جفاهـا
فتــداعت الــى الفـراق رفـاق الانــس منــا ونــوهت بـدعاها
وجــرى مـا جـرى ولا تسـألا عـن حـال أهـل الهـوى غـداة نواها
فلكــم ثــم مـن قلـوب تهـاوت مصـــعقات لفــوظ روع عراهــا
وقلـــوب تطــايرت لــو شــيك الـبين منـا كـأن نـاف نفاهـا
لسـت أنسـى علـى النقـى وقفـة التوديـع والعيـن لا يكف بكاها
ثـم سـارت مطيهـم تـذرع الـبي د ولكـــن قلوبنـــا تلقاهــا
وانثنينـا بصـفقة الغبـن ظميا للقاهــا وأيــن منــا لقاهـا
وكـذا عـادة الزمان بأهل الفض ل لا زال مولعــــا بجفاهــــا
فاســألاني بــه فــاني خــبير ذقــت أحـواله علـى استقصـاها
برقــة خلــب وســحب أيــاديه جهــام لمــن يــروم اسـتقاها
لـم يهـب نعمـة بلا سـبب اخـرى لبنيـــه ولا يـــدوم بقاهـــا
مــن عــذيري لـه وفـي كـل آن تنتحينـــي صـــروفه بعناهــا
مســتطيلا بخفــض قــدري ولــم يـدر بـأني مـن المعالي فتاها
مـــوقفي فــوقهن نــاش وطفلا قــد غــذتني بــدرها ثديـدها
ولئن نـــابني بخفــض مقــامي بعيــون داعـي الغـوي أغواهـا
لا يعـاب الاكسـير يومـا اذا ما جهلتــه مــن الــورى جهلاهــا
كيــف لاتملــك المعــالي نفـس حـــب طـــه بنـــوره زكاهــا
احمــد المصــطفى أجــل نــبي بعــث اللــه للــورى لهـداها
علـة النشـأتين فيمـن يـرى ال لــه ومــولى وجودهـا وفناهـا
ذات قـــدس تـــذوقت كــل ذات مـــن هيــولى هياكــل حلاهــا
هــو فــي الكائنـات أول نفـس بــرأ اللـه كنههـا فاجتباهـا
وحبـــاه مــن فضــله بمعــال عــرك النيــرات أدنــى علاهـا
ما اصطفى في العباد شخصا سواه للعبوديـــة الـــتي يرضــاها
ثــم آتـاه مـا يشـا مـن علـو م الملكوتيــة الــتي أبـداها
بـل وأنهـى اليـه خيـر مزايـا كــبرت رفعــة بــأن تتناهــا
عــالم عــالم السـرائر أسـرى ســـره فــي عــوالم أنشــاها
جــاء للانبيــاء منهــا يسـير فيـه قـد فضـلت علـى من سواها
جمــع اللــه فيــه كـل كمـال أخــذت عنــه كـل نفـس هـداها
أول السـابقين فـي حلبـة الفض ل ومصـــباح أرضــها وســماها
نيـــر أشــرق الوجــود بــاش راقــات أنــوار عــزة جلاهــا
وبـــه قــرت القوابــل طــرا بقبــول الوجــود عنـد دعاهـا
واســتقامت بـه السـموات والار ض ومـن فيهمـا بحسـن اسـتواها
ملــك ملكــه الممالــك لا بـل هــو قيومهــا الــذي يرعاهـا
وهـو ناموسـها العليـم بما قد عملتـــه بجهرهـــا وخفاهـــا
وهـو الكلمـة التي انزجر العم ق لهــا واسـتقام مـن جـدواها
عليــم فــاض للعــوالم منهـى خيــر فيــض حـوت بـه نعماهـا
كـل مـا فـي الوجود من كائنات ذو المعـــالي لاجلــه ســواها
وكفـــاه علـــى الخلائق طــرا أنـه كـان فـي العلـى مصطفاها
ولـه اشـتق ذو الجلالة من أسما ئه اســما ســمت بــه حسـناها
فهـو فـي خلقـه الحميـد وهـذا أحمــد يــاله علــى لا يضـاها
فضــل لمـا يطـق كتمـه الغيـب لاســـرار حكمــة قــد حواهــا
لـم يـزل فـي عـوالم منه يجري فــي بحــور بـه افيـض نـداها
فــأتى عــالم الشــهادة هـاد اممــا قادهــا دواعـي غواهـا
فبـدا فـي سـما الرسـالة شمسا مشــرقا فـوق كـل شـيء ضـياها
جـاء منـه لهـا ولـم تبد آيات عظــام بهــرن مــن قـد رآهـا
كتهـاوي شـهب السـما وهي تنبي أنــه للعــدى شــهاب رداهــا
وانشــقاق الايـوان ينـبئ عنـه أنــه بالهــدى يشــق عصــاها
وانطفـا نـار فـارس عنـه منـب أنــه آن مـن لظاهـا انطفاهـا
واغتـدت باسـمه الهواتـف تدعو معلنـــات وفـــوهت بنـــداها
وأتــت امــة البشــائر منهـا أنـه فـي الـورى بشـير هـداها
ورأت مــن كرامــة اللـه منـه مــا اقــرت بنيلــه عيناهــا
وتهـــاوى لــدى ولادتــه عــن كعبــة اللــه كـل جبـت علاهـا
وســرى منــه فــي فلاســفة ال كهــان حتـف أبادهـا فاختلاهـا
وبــه المـاردون نـالت دحـورا وثبــورا بــه تحســت رداهــا
ومــن الحجـب بالبشـارة جـبرا ئيـــل بأملاكهـــا الغرفاهــا
وبــه الارض أشــرقت واسـتطالت اذ أتاهــا علــى علـو سـماها
وبــه مكــة علــى كــل شــيء فخــرت اذ حـواه منهـا فناهـا
وحقيـق بهـا اذ افتخـرت بالمص طفــى أحمـد علـى متـن سـواها
قـد حـوت سـؤددا تود دراري ال شــهب منـه تكـون مـن حصـباها
اذ حــوت ســيد السـموات والأر ض ومختـــار خـــالق ســـواها
كعبـة الفاضـلين فـي كـل فضـل بــل وناموســها الـذي رباهـا
ان يكــن جـاء للنـبيين ختمـا فلقـد كـان فـي الوجـود أباها
مــا أتـى آخـرا سـوى لمزايـا فيـه ذو العـرش حكمـة أخفاهـا
اذ هـو العـالم المفيـض عليها كــل علــم أتـى بـه أنبياهـا
فهــي عنــه بكــل عصـر تـؤدي مـا مـن الرشـد للبرايا عناها
فلــذا مـا حـوته مـن مكرمـات وجلال اليــه يعــزى انتهاهــا
سـل بـه آدمـا فكـم مـن أيـاد مــن جلال اليــه قــد أسـداها
وبـــه تــاب ذو الجلال عليــه اذ جنــى مــن خطيئة حوباهــا
ولــه أســجد الملائك والأســما ء طــــرا لحفظــــه أملاهـــا
ولــه نــال بالســفينة نــوح خيــر عقــبى وفلكــه نجاهــا
والخليـل اغتدت له النار بردا وســلاما بــه وأطفــى لظاهــا
وهـو سـر العصـا لموسـى فألقت عنـده السـاحرون سـلما عصـاها
ولعيســى أعــار ســرا فأحيـا مـن قبـور دوارس علـى موتاهـا
كـم لـه فـي العلـى سوابق فضل مسـتحيل علـى العـداد انتهاها
يعجــز العـد عـن منـاقب نفـس ذو المعـــالي لاجلــه ســواها
فهــي صـنع لـه وكـل البرايـا احكمـت صـنعها البـديع يـداها
ظهــرت باســمه العظيــم فكـل خاضــع تحــت مجتلـى كبرياهـا
أنبـأ الخلـق سـورة النور عنه نبـــأ كالشــموس راد ضــحاها
تــاه فــي وصـفه الخلائق طـرا وحقيـــق بوصـــفه أن يتاهــا
صـاغة اللـه جـوهرا وهـي منـه عرضـا منـه كونهـا قـد أتاهـا
ســيد واجــب الوجــود اليــه كـــل فضــل وحكمــة أنهاهــا
ظهـرت منـه حكمـة اللـه للخـل ق عيانــــا لانـــه مجتلاهـــا
مـن دعـا البـدر لانشقاق فأهوى عــن ســماه وخـر فـي بطحاهـا
كيــف يعصـيه وهـو منـه تحلـى حليـة النـور واكتسـى أسـناها
فهـو لـو يـدع جملة الشهب طرا مـن سـماها لحطهـا عـن سـماها
أو تعصـيه وهـي منـه اسـتنارت واســتقامت بــه علـى مجراهـا
حيـث قـد كـان للوجـودات قطبا وعلــى مجـده اسـتدارت رحاهـا
ومــن الــوحش كلمتــه اســود ثــم طلـس وأعربـت عـن ثناهـا
والظبــا سـلمت عليـه ولا غـرو بـــأن ســلمت عليــه ظباهــا
ولتلقــى هــواه حنــت نيــاق وعلـــى مثلــه حقيــق هــواه
والنباتـــات كلمتــه وأحيــا باســـقات وأينعـــت بجناهــا
والعصـا أورقـت لـديه ولا غـرو بــأن أورقــت لــديه عصــاها
ولـه الجـذع حـن شـوقا كثكلـى فــارط الحــزن مضـها وشـجاها
ومـن الصـخر كـم أسـال عيونـا بمعيـــن تعــب فــي مجراهــا
والحصــا ســبحت بكفيـه جهـرا وكـثير مـن الـورى قـد وعاهـا
واذا سـار فـي الظهيـرة أرخـت أذيــل الســحب فـوقه أفياهـا
حــق لــو ظللتــه فهـو كريـم منــه نــالت حياتهـا وحياهـا
لا تخــل ذا مـن النـبي عجيبـا فهــو مــن آي فضــله أدناهـا
لـم يـزل فـي البلاد ينشـر آيا ضــاق منهــن كــثرة قطراهــا
فــدعاه اليـه ذو العـرش ليلا ليريـــه مــن آيــة كبراهــا
ثــم أســرت بــه اليـه بـراق بعــروج ســبحان مــن أسـراها
وخطــا عــالم الجــواز ولمـا يبـق فـي الكـون ذرة ما وطاها
فـي قليـل أقـل مـن لمـح طـرق ســـُبحات الجلال قـــد جلاهـــا
فـــدنا مــن مليكــه فتــدلى بفنــا حضــرة تنــاهى علاهــا
لـم يكـن بينـه سـوى قـاب قـو سـين وذات الجليـل جـل ثناهـا
ثــم ناجــاه مــا هنـاك بمـا شــاء يـؤديه للبرايـا شـفاها
وعلــى كتفــه امــر يـدا قـد أثلـج القلـب منـه بـرد رواها
وحبـاه مـن الكرامـات مـا لـم يحوهــا غيــره ولا مـن سـواها
واليــه مفاتيـح الغيـب ألقـى وأراه كنوزهــــا فاحتواهـــا
لا رعـى اللـه مـن قريـش بغـاة مــا رعتـه ولـم يـزل يرعاهـا
ظـــاهرته ببغضـــها وتـــولت عــن هــداه وتــابعت طغواهـا
قـد أراهـا معـاجزا مـا رأتها مــن نــبي ولا الزمــان رآهـا
بــذلت جهــدها لاطفــاء نــور منــه لا زال بالهــدى يغشـاها
فأبـــاه الالـــه الا تمامـــا فــي علاه ونقصــها وانتفاهــا
الصائغ الأحسائي
1 قصيدة
1 ديوان
1887م-
1305هـ-