ألحمدُ للّه الذي قد أخرَجا
الأبيات 144
ألحمـدُ للّـه الـذي قـد أخرَجـا نتــائج الفكـر لأربـاب الحجـا
وحــطّ عنهُـم مـن سـماء العقـلِ كــل حجــاب مـن سـحاب الجهـل
حـتى بـدت لهـم شـموس المعرفه رأوا مخــــدّراتها منكشــــفه
نحمـــده جــل علــى الإنعــام بنعمـــة الإيمـــان والإســـلام
مـن خصـّنا بخيـر مـن قد أرسلا وخيـر مـن حاز المقامات العلا
محمـــد ســـيد كـــلّ مقتفــى العربــي ألهاشــمي المصــطفى
صـلى عليـه اللّه ما دام الحجا يخـوض مـن بحـر المعـاني لججا
وآلـــه وصـــحبه ذوى الهــدى مـن شـبّهوا بـأنجم فـي الاهتدا
وبعـــد فـــالمنطق للجنـــان نســــبته كـــالنحو للســـان
فيعصـم الأفكـار عـن غـيّ الخطا وعـن دقيـق الفهـم يكشف الغطا
فهــاك مــن أصــوله قواعــدا تجمــع مــن فنــونه فــوائدا
ســـميته بالســـلم المنــورق يرقـى بـه سـماء علـم المنطـق
واللّـه أرجـو أن يكـون خالصـا لــوجهه الكريــم ليـس قالصـا
وأن يكــون نافعــا للمبتــدى بــه إلــى المطــوّلات يهتــدى
والخلــف فــي جـواز الاشـتغال بـــه علـــى ثلاثـــةٍ أقــوال
فـابن الصـلاح والنـواوى حرّمـا وقــال قـوم ينبغـي أن يعلمـا
والقــوله الشـمهورة الصـحيحه جـــوازهُ لكامـــل القريحـــه
ممـــارس الســـنّة والكتـــاب ليهتــدى بــه إلــى الصــواب
إدراكُ مفـــرد تصـــورا علــم ودرك نســـبة بتصـــديق وســم
وقـــدّم الأوّل عنـــد الوضـــعِ لأنّـــــهُ مقــــدّمٌ بــــالطَبعِ
والنظــرى مـا احتـاج للتأمّـل وعكســه هــو الضـروريّ الجلـى
ومــا بــه إلــى تصــور وصـل يــدعى يقــول شـارح فلتبتهـل
ومـــا لتصــديق بــه توصــّلا بحجّـــةٍ يعـــرف عنــد العقلا
دلالـــةُ اللفــظِ مــا وافقَــه يـــدعونَها دلالــةَ المطــابقَه
وجـــزئهِ تضــمّناً ومــا لــزِم فهـوَ الـتزامٌ إن بعقـلٍ النـزم
مســتعمل الألفــاظ حيـث يوجـد إمـــا مركّـــب وإمّــا مفــرد
فـــأوّلٌ مــا دل جــزؤُه علــى جــزء معنــاه بعكــس مـا تلا
وهـو لـى قسـمين أعنى المفردا كلــى أو جــزئى حيــث وجــدا
فمفهــــم اشـــتراك الكلـــى كاســــد وعكســــه الجـــزئى
وأوّلا للــذات إن فيهـا انـدرج فانســبه أو لعــارض إذا خـرج
والكليــات خمسـةٌ دون انتقـاص جنــسٌ وفصــلٌ عـرضٌ نـوعٌ وخـاص
وأوّل ثلاثــــــةٌ بلا شــــــطط جنــس قريـبٌ أو بعيـدٌ أو وسـط
ونســـبةُ الألفـــاظ للمعــاني خمســـة أقســـام بلا نقصـــان
تواطُــــؤٌ تشــــاكُكٌ تخـــالفُ والاشـــتراك عكســه الــترادف
واللفــظ إمــا طلــب أو خـبر وأولٌ ثلاثــة فالتمــاس وقعــا
أمــرٌ مـع اسـتعلا وعكسـه دعـا وفـي التسـاوى فالتمـاسٌ وقَعـا
الكــل حكمنــا علـى المجمـوع ككُـــلّ ذاك ليـــس ذا وقـــوع
وحيثمـــا لكــل فــرد حكِمــا فـــإنّه كليّـــة قـــد علمــا
والحكــمُ للبعـض هـو الجزئيّـه والجــــزء معرفتـــه جليّـــه
معـــرّفٌ علـــى ثلاثـــةٍ قســم حـــد ورشـــميٌّ ولفظــيّ علــم
فالحــد بــالجنس وفصـلٍ وقعـا والرســم بـالجنس وخاصـةٍ معـا
ونقــص الحــد بفصــل أو معـا جنــس بعيــد لا قريــب وقعــا
ونــاقص الرســم بخاصــّة فقـط أو مـع جنـس أبعـد قـد ارتبـط
ومــا بلفظــيّ لــديهم شــهرا تبــــديلُ برديــــفٍ أشـــهرا
وشــرط كــل أن يــرى مطــرداً منعكســـا وظــاهرا لا أبعــدا
ولا مســـــاوياً ولا تجـــــوّزا بلا قرينــــة بهـــا تحـــرّزا
ولا بمــا يــدرى بمحــدود ولا مشـــترك مـــن القرينــة خلا
وعنــدهم مــن جملـة المـردود أن تـدخل الأحكـام فـي الحـدود
ولا يجـوزُ فـي الحـدود ذكـرُ أو وجـائزٌ فـي الرسم فادر مارووا
مـا احتمـل الصـدق لـذاته جرى بينهــــمُ قضــــيّةً وخــــبرا
ثــم القضــايا عنـدهم قسـمان شـــرطيّةٌ حمليّـــةٌ والثـــاني
كليّــــــةٌ شخصــــــيّةٌ والأوّل إمـــا مســـوّرٌ وإمّــا مهمَــل
والســور كليّــا وجزئيـاً يـرى وأربــعٌ أقســامه حيــث جــرى
إمــا بكــل أو ببعــض أو بلا شــيء وليـس بعـض أو شـبهٍ جلا
وكلهــــا موجبـــةٌ وســـالبَه فهــي إذن إلـى الثمـان آيبَـه
والأوّل الموضــوع فـي الحمليّـه والآخـــر المحمــول بالســويّه
وإن علـى التعليق فيها قد حكم فإنّهــــا شـــرطيّةٌ وتنقســـم
أيضــا إلــى شــرطيّةٍ متصــله ومثلهـــا شـــرطيّة منفصـــله
جزآهُمــــا مقــــدّمٌ وتـــالى أمـــا بيـــان ذات الاتصـــال
مـــا أوجبــت تلازم الجزءيــن وذات الانفصــــال دون ميــــن
مــا أوجبــت تنـافُزاً بينهمـا أقســـامُها ثلاثـــةٌ فلتعلمــا
مــانع جمــع أو خلــو أوهمـا وهــو الحقيقـيّ الأخـصّ فالعمـا
تنــاقُضٌ خلــف القضــيتين فـي كيــف وصــدق واحـد أمـر قفـى
فــإن تكــن شخصـية أو مهملـه فنقضــها بــالكيف أن تبــدّله
وإن تكـــن محصــورة بالســور فــانقض بضـد سـورها المـذكور
وإن تكــــن موجبـــة كليّـــه نقيضــــها ســـالبةٌ جزئيّـــه
وإن تكــــن ســـالبة كليّـــه نقيضــــُها موجبـــةٌ جزئيّـــه
العكــس قلــب جــزأى القضـيه مــع بقــاء الصـدق والكيفيّـه
والكــم إلا المــوجب الكليّــه فعوضــها الموجبــةُ الجزئيّــه
والعكــس لازمٌ لغيــر مـا وجـد بـه اجتمـاع الخسـّتين فاقتصـد
ومثلهــا المهملــة الســلبيّه لأنّهـــا فــي قــوّة الجزئيّــه
والعكــس فــي مرتــب بـالطبع وليـــس فــي مرتّــب بالوضــع
إن القيــاس مـن قضـايا صـورا مســتلزما بالـذات قـولا آخـرا
ثــم القيــاس عنــدهم قسـمان فمنــهُ مــا يـدعى بـالاقترانى
وهــو الـذي دل علـى النتيجـة بقـــوّة واختـــصّ بالحمليّـــة
فــإن تــرد تركيبــهُ فركبّــا مقـــدّماته علــى مــا وجبــا
ورتّـــبِ المقـــدّمات وانظــرا صــحيحها مــن فاســد مختـبرا
فــــــإن لازم المقــــــدمات بحســــــب المقــــــدّمات آت
ومــا مــن المقــدمات صــغرى فيجــب انـدراجها فـي الكـبرى
وذات حـــدّ أصـــغرٍ صــغراهُما وذات حـــدّ أكـــبر كبراهُمــا
وأصـــغرٌ فـــذاك ذو انــدراج ووســطٌ يلغــى لــدى الإنتــاج
الشــكل عنــد هــؤلاء النــاس يطلـــق عـــن قضــيّتي قيــاس
مــن غيــر أن تعتـبر الأسـوارُ إذ ذاك بالضـــرب لــه يشــار
وللمُقَـــدّماتِ أشـــكالٌ فقـــط أربعــةٌ بحســب الحــدّ الوسـط
حمــلٌ بصــغرى وضــعه بكــبرى يـــدعى بشـــكل أول ويـــدرى
وحملـه فـي الكـل ثانيـا عـرف ووضـعه فـي الكـل ثالثـا ألـف
ورابـــع الشــكال عكــس الأوّل وهـي علـى الـترتيب في التكَمّل
فحيـث عـن هـذا النظـام يعـدل ففاســـد النظــام أمــا الأوّل
فشــرطه الإيجــاب فــي صـغراه وأن تــــرى كليّـــة كـــبراه
والثان أن يختلفا في الكيف مع كليّــة الكـبرى لـه شـرط وقـع
والثـالث الإيجـاب فـي صغراهما وأن تـــرى كليّـــة إحــداهما
ورابــع عــدم جمــع الخسـّتين إلا بصـــورة ففيـــه تســتبين
صـــغراهُما موجبَـــةٌ جزئيّـــة كبراهمــــا ســـالبةٌ كليّـــه
فمنتـــــــجٌ لأوّل اربعــــــة كالثـــان ثــم ثــالث فســتّة
ورابــع بخمســة قــد أنتجــا وغيــر مـا ذكرتـه لـن ينتجـا
وتتبــع النتيجــة الأخــسّ مـن تلــك المقــدّمات هكــذا زكـن
وهـــذه الأشـــكال بـــالحمليّ مختصــــّةٌ وليـــس بالشـــرطيّ
والحــذفُ فــي بعـض المقـدّمات أو النتيجـــــة لعلـــــمٍ آت
وتنتهــي إلــى ضــرورةٍ لمــا مــن دورٍ أو تسَلسـُلٍ قـد لزِمـا
ومنــه مـا يـدعى بالاسـتثنائي يعــرف بالشــرطي بلا امــتراء
وهــو الـذي دلّ علـى النتيجـة أو ضــدّها بالفعــل لا بـالقُوّة
فــإن يــك الشـرطيّ ذا اتصـال أنتــج وضـع ذاك وضـع التـالي
ورفـــع تـــال رفــع أوّل ولا يلـزم فـي عكسـهما لمـا انجلى
وإن يكـــن منفصــلا فوضــع ذا ينتــج رفـع ذاك والعكـس كـذا
وذاك فــي الأخــص ثـم إن يكـن مــانع جمــع فبوضــع ذازكــن
رفـــعٌ لــذاك دون عكــس وإذا مـانعَ رفـع كـان فهـو عكـس ذا
ومنــه مــا يــدعونه مركّبــا لكــونه مــن حجــجٍ قـد رُكّبـا
فركّبنــهُ إن تــرد أن تعلمــه واقلــب نتيجــةً بــه مقــامه
يلــزم مــن تركيبهــا بـأخرى نتيجـــةٌ إلـــى هلـــمّ جــرا
متّصــلُ النتــائج الــذي حـوى يكــون أو مفصــولها كـل سـوا
وإن يجــزئيّ علـى كلـى اسـتدل فــذا بالاسـتقراء عنـدهم عقـل
وعكسـه يـدعى القيـاس المنطقي وهـــو الــذي قــدّمتهُ فحقّــق
وحيــثُ جــزئيّ علـى جـزء حمـل لجــامع فــذاك تمثيــل جعــل
ولا يفيـــد القطــع بالــذليل قيــاسُ الاســتقراء والتمثيــل
وحُجّــــةٌ نقليّــــةٌ عقليّــــه أقســـام هــذى خمســةٌ جليّــه
خطابــةٌ شــعرٌ وبرهــان جــدل وخــامس سفســطةٌ نلــت الأمــل
أجلّهـا البرهـان مـا ألـف مـن مقـــدّمات بـــاليقين تقــترن
مــــن أوليّــــات مشـــاهدات مجرّبـــــــات متــــــواترات
وحدســــــيّاتٍ ومحسوســــــات فتلـــك جملـــة اليقينيّـــات
وفــــي دلالــــة المقـــدمات علـــــى النتيجـــــة خلافٌ آت
عقلـــيٌّ أو عـــاديٌّ أو تولــد أو واجــــب والأوّلُ المؤبّــــد
وخطــأ البرهــان حيــثُ وجـدا فـي مـادّة أو صـورة فالمبتـدا
فـي اللفظ كاشتراك أو كجعل ذا تبــاينٍ مثــل الرديـف مأخـذا
وفـي المعـاني لالتباس الكاذبه بــذات صـدق فـافهم المخـاطبه
كمثــل جعـل العرضـى كالـذاتي أو ناتـــج إحــدى المقــدّمات
والحكــم للجنـس بحكـم النـوع وجعــل كـالقطعيّ غيـر القظعـي
والثـان كـالخروج عـن أشـكاله وتـرك شـرط النتـج مـن إكماله
هــذا تمــام الغـرض المقصـود مــن أمّهـات المنطـق المحمـود
قــد انتهــى بحمـد رب الفلـق مـا رمتـه مـن فـنّ علم المنطق
نظمـه العبـد الـذليل المفتقر لرحمـة المولى العظيم المقتدر
الأخضــــريّ عابـــد الرحمـــن المرتجــى مــن ربّــه المنّـان
مغفــــرة تحيـــط بالـــذنوب وتكشــف الغطــا عــن القلـوب
وأن يثيبنــــا بجنّـــة العلا فـــإنّه أكـــرم مــن تفضــّلا
وكــن أخــي للمبتـدى مسـامحا وكــن لإصــلاح الفســاد ناصـحا
وأصـــلح الفســـاد بالتأمــل وإن بديهــــــة فلا تبـــــدل
إذ قيــل كــم مزيّــف صــحيحا لأجـــل كـــون فهمــه قبيحــا
وقـل لمـن لـم ينتصـف لمقصـدى العــذر حــقّ واجــب للمبتـدى
ولبنــيّ احــدى وعشــرين سـنه معـــذرة مقبولـــةٌ مستحســنه
لا ســيّما فــي عاشــرِ القـرونِ ذي الجهــلِ والفسـاد والفتـون
وكـــان فـــي أوائلِ المحــرّم تــأليفُ هــذا الرجـز المنظّـم
مـــن ســنة احــدى واربعيــن مــن بعــد تسـعة مـن المئيـن
ثــم الصــلاةُ والســلام سـرمدا علـى رسـول اللّـه خيـر من هدى
وآلــــه وصــــحبه الثقـــات الســـالكين ســـبلَ النجـــاه
مـا قطعـت شـمس النهـار أبرجا وطلـع البـدر المنير في الدجى
عبد الرحمن الأخضري
2 قصيدة
1 ديوان

عبد الرحمن بن محمد الأخضري.

من علماء القرن العاشر، صاحب متن (السلّم - ط) أرجوزة في المنطق، و(شرح السلم - ط) متداول، وهو من أهل بسكرة، في الجزائر، وقبره في زاوية بنطيوس (من قرى بسكرة).

له كتب أخرى، منها (الجوهر المكنون - ط) نظم، في البيان، أوجز فيه (التلخيص) وشرحه، و(شرح السراج - ط) في علم الفلك، و(الدرة البيضاء - ط) في علمي الفرائض والحساب، نظماً، و(شرحها - ط) في جزأين، و(مختصر) في العبادات، يسمى (مختصر الأخضري - ط) على مذهب مالك.

1575م-
983هـ-

قصائد أخرى لعبد الرحمن الأخضري