حادٍ عَنِ اللَبِّ أَحشا الصَبِّ أَعراها
الأبيات 138
حــادٍ عَـنِ اللَـبِّ أَحشـا الصـَبِّ أَعراهـا شــادٍ زِنــادَ هَــوى المُشـتاقِ أَوراهـا
مُــذ نَحوَنيـكَ الرُبـا الأَظعـانَ أَسـراها قُــل لِلمَطِــيِّ اللَــواتي طـالَ مَسـراها
مِــن بَعــدِ تَقبيــلِ يُمناهـا وَيُسـراها
قضــد غـادَرَتني مُـذعَنها الـدِيارُ عَفَـت وَخَلَّفَتنــي حَليــفَ الحُــزنِ مُنــذُ جَفَـت
مــاذا عَليهــا إِذا لَـو دَمعَهـا ذَرَفَـت مـا ضـَرَّها يَـومَ جَـدَّ البَيـنُ لَـو وَقَفَـت
تَقُــصُّ فــي الحــيِّ شــَكوانا وَشـَكواها
لَـو اقتَفَـت مَـذهَبي فـي الحُـبِّ لَـم تُفِقِ لَكِنَّهـــا كَمُـــدامي قَـــطُّ لَــم تَــذُقِ
أَنّــى كَصــَبري لَهـا صـَبرٌ عَلـى القَلـقِ لَــو حُمِّلَــت بَعـضَ مـا حُمِّلـتُ مِـن حَـرَقِ
مـا اسـتَعذَبَت ماءَهـا الصـافي وَمَرعاها
مــا إِن كَســَت بِكُــؤوسٍ لِلهــوى يَـدَها وَلا أَلَــــمَّ بِهـــا وَجـــدٌ فَأَوجَـــدَها
وَلا الحَنيـــنُ عَــنِ الأَوطــانِ أَبعَــدَها لَكِنَّهـــا عَلِمَـــت وَجـــدي فَأَوجَـــدَها
شــَوقاً إلـى الشـامِ أَبكـاني وَأبكاهـا
ســَبا فُــؤادَ أَسـيرِ الوَجـدِ حيـنَ صـَبا هَــــوى حَــــبيبٍ حَـــيِّ زادَهُ نَصـــَبا
حَتّــى غَــدا لَهِجـاً مُنـذ احتَسـى وَصـَبا مــا هَــبَّ مِـن جَبَلَـي نَجـدٍ نَسـيمُ صـَبا
لِلغَــــوارِ إِلا وَأَشـــجاني وَأَشـــجاها
ما ارتَحتُ إِذا ما الهَوى في أَضلُعي رُسِما وَلا تَجَفَّنـــتُ مُ قَلـــبي بِـــهِ وُســـِما
مــا شــِمتُ إِلّا وَقَلــبي ظَــلَّ مثنقِسـِما وَلا ســـَرى البــارِقُ المَكِــيُّ مُبتَســِما
إِلّا وَأَســــهَرَني وَهنــــاً وَأَســــراها
ظَلَّــت تَحِــنُّ حَنيــنَ الصــَبِّ ذي الجُـرَعِ مِــنَ الهَـوى ذو مِـنَ الأَشـجانِ فـي خِلَـعِ
حَتّــى إِذا الوَجـدُ عُضـواً قَـطُّ لَـم يَـدَعِ تَبـــادَرَت مِــن رُبــا نِيّــابَتَي بُــرَع
كَـــأَنَّ صــَوتَ رَســولِ اللَــهِ ناداهــا
تَحِـــنُّ وَجــداً لِمَغنــى طَيبَــةٍ وَبِهــا تَــوَدُّ تَرتــاحُ لَــو تَحظــى بِمَطلَبِهــا
لِــم لا وَأَحمَــدُ خَيــرُ المُرسـَلينَ بِهـا وَكُــلٌّ ماجَــدَّ فيهــا الشـَوقُ جَـدَّ بِهـا
دَمـــعٌ يَصـــوبُ وَشــَوقٌ شــَقَّ أَحشــاها
تَــؤُمُّ خَيــرَ عِبــادِ اللَــهِ مَــن وَطِئَت نَعلاهُ عَــرشَ العُلا وَالنــاسُ قَــد قَـرَأَت
آيــاتِ مَــدحٍ لَـهُ فـي الخـافِقَينِ نَـأَت حَتّــى إِذا مــا رَأَت نــورَ النَبِـيِّ رَأَت
لِلشـــَمسِ وَالبَــدرِ أَمثــالا وَأَشــباهاً
ذابَــت حَشــاها مِـنَ الأَشـواقِ وَاقتَرَحَـت لُقيــا نَبِــيٍّ يَــدُ الأَزمـانِ مـا سـَمَحَت
بِمِثلِـــهِ ثُـــمَّ لَمّـــا وَصــلَهُ مُنِحَــت حَطَّــت بِســوحِ رَســولِ اللَــهِ وَاطَّرَحَــت
أَثقالَهـــا وَلَـــدَيهِ طـــابَ مَثواهــا
بَطحــاءُ طَيبَــةَ فيهـا الرَعـدُ لا وُجِمـا حَصــباءُ ذاكَ العَقيــقِ الغَيـثَ لا عَـدِما
ســَقى الحَيــا رامَـةَ الغَـرّاءَ لا صـُرِما حَيّـا الغَمـامُ الرِحـابَ الخضـرَ مُنسـَجِما
فــالقَبرَ فَالرَوضــَةَ الخَضــراءَ حَيّاهـا
تيـكَ المَغـاني الَّـتي مـا خـابَ طارِقُها مَعاهِـــدٌ بالمَعـــالي فــازَ رامِقُهــا
دارُ الحَـــبيبِ اللتَيـــا لاحَ بارِقُهــا حَيـــثُ النُبُـــوَّةِ مَضـــروبٌ ســُرادِقُها
وَذِروَةُ الــدينِ فَــوقَ النَجــمِ عَلياهـا
يــا نــاقُ ســيري وَأُمّـي سـَيِّدَ البَشـَر وَأَوِّبــي وَادلُجـي فـي السـَيرِ وَازدَجـري
هُنــاكَ أَحمَــدُ أَعلــى البَـدوِ وَالحَضـَرِ هُنالِــكَ المُصــطَفى المُختـارُ مِـن مُضـَرِ
خَيـــرُ البَرِيَّـــةِ أَقصــاها وَأَدناهــا
مُحمَّـــدٌ خَيـــرُ خَلــقِ اللَــهِ رَحمَتُــهُ وَبـــابُ راجـــي عَطايـــاهُ وَنِعمَتُـــهُ
بِــهِ اِنجَلَـت لَيـلُ جَهـلِ الشـِركِ ظُلمَتُـهُ أَتـــى بِــهِ اللَــهُ مَبعوثــاً وَأُمَّتُــهُ
علـــى شـــَفا جُــرُفٍ هــارِ فَأَنجاهــا
كَـم أَبعَـدَ النـاسَ هَـدياً مِـن غَبـاوَتِهِم كَـم أَنقَـذَ العُمـيَ وَعظـاً مِـن غَـوايَتِهِم
كَـم أَيقَـظَ العُمـيَ زَجـراً مِـن جَهـالَتِهِم وَأَبــدَلَ الخَلــقَ رُشــداً مِــن ضـَلالَتِهِم
وَفَـــلَّ بِالســـَيفِ لَمّــا عَــزَّ عُزّاهــا
كَـم مِـن مَفـاخِرَ تُبنـى فـي ذُرى الشـَرَفِ لِلمُصـطَفى ذي الوَفـا المُختارِ في السَلَفِ
كَـم قَـد تَنَـوَّهَ قَـدراً عَـن مَـدا الخَلَـفِ كَــم حَكَّــمَ الســَيفَ وَالـبيضَ القَواضـِبَ
مَعاشــــِرِ اللاتِ وَالعُـــزّى فَأَفناهـــا
أَشـــجارُ قَفـــرِ الفَلا لَبَّتــهُ ناهِضــَةً وَالطَيـــرُ تَـــأتيهِ صــافّاتٍ وَقابِضــَةً
غَــدَت لَــهُ صــافِناتُ البُــؤسِ رابِضــَةً وَســاقَ جُــردَ جِيــادِ الخَيــلِ خائِضــَةً
مجــرى الكُمــاةِ بِمَجراهــا وَمُرســاها
أُهـدي السـَلامَ لـدى الـوَحي الأَميـنِ بِـهِ المُصـطَفى المُنتَقـى الهـادي النَبِـيِّ بِهِ
ذاكَ الحَــبيبُ الــرَؤوفُ المسـتَعانُ بِـهِ ذاكَ البَشـــيرُ النَــذيرُ المُســتَغالُبِهِ
ســِرُّ النبــوة فــي الـدنيا ومعناهـا
أزكـــى ذوي الملإ الأعلـــى وأحمـــدِهِ أعلـــى أولــي الملإ الأدنــى محمــده
واهـــاً لمنصـــبهِ الأســـنى ومقعــده شــمس الوجــود الــذي أنـوار مولـده
ملأن مـــا بيـــن كنعـــانٍ وبصــراها
عــم الــورى ذاك جمعــاً فـي رسـالتِهِ مــا مثلــه قــط فــردٌ فــي جلالتــه
غيــض البحيــرة جهــراً مــن كرامتـه وانشــق إيــوان كســرى مــن مهـابته
ونـــار فــارس ذاك الطفــل أطفاهــا
ســارت يـد النصـر معـه أيـن سـاربها والــوحش شــوق للقيــاه يميــد بهـا
فكـــم لــه مكرمــاتٌ لا نحيــط بهــا وكــم لــه مــن كرامــاتٍ يخــص بهـا
ومعجـــــزاتٍ كــــثيراتٍ عرفناهــــا
ذو راحــةٍ لــم تــرد صــفراً مــؤمله ذو نـــائلٍ لـــم يخــب راجٍ أنــامله
مـا إن تـرى مـن شـبيهٍ فـي الأنـام له ألثـــدي در لـــه والغيـــم ظللـــه
وانشــق فــي الأفـق بـدرٌ شـق ظلماهـا
يعلــو علــى الأنبيــا طــرّاً بمقعـدِهِ تعنـــوا رقـــابهم جمعـــاً لســودده
عــم الــورى نــوره فـي يـوم مولـده والجــذع حـن وأجـرى المـاء مـن يـده
عشــر المئيــن ونصـف العشـر أرواهـا
آيــاته الغــر فضــلاً لا تقــاس بشــي وشــاوه لا بقــاصٍ فــي الــورى ودنـى
حمـــاه مــولاه مــن أن يعــتريه أذى والعنكبــوت بنــت بيتــاً عليـه لكـي
تـــرد فرقـــة كفـــرٍ ضــل مســعاها
مــــولاه كملــــه حســــناً وجملـــه بـــالعز أنهلـــه بالمجـــد عللـــه
راقــت ريــاض المعــالي والـدنو لـه والفحـــل ذل وأومــا بالســجود لــه
والظبيــة اشــتكت البلــوى فأشـكاها
بشــرى لنفــسٍ لــذياك الحمــا نفـرت بشـرى مطايـا الهنـا نحـو الأميـن سرت
بشــرى نفــوس الهـوى فـي حبـه أسـرت بشــرى طــراف القــوافي أنهـا ظفـرت
بســـيد العـــرب العربــاء بشــراها
هـو الحـبيب الـذي تهـدى القلـوب بـه هـو البشـير الـذي تجلـى الكـروب بـه
فقنـا فخرنـا الألـى شـادوا الفخار به فالحمــد للــه نحــن الفــائزون بـه
فــي ملـةٍ نعـم عقـبى الـدار عقباهـا
هـــذا حـــبيبٌ علا طـــابت ســـريرته هـــذا نـــبي الهــدى بــذلٌ ســجيته
هــذا هــو المصــطفى الهطلاء ديمتــه هــــذا محمـــدٌ المحمـــود ســـيرته
هــذا أبــر بنــي الــدنيا وأوفاهـا
هــذا هـو المرتقـى أعلـى ذرى الشـرف هــذا هـو المنتقـى فـي سـالف الصـحف
هـذا بيـوم القضـا مـولى أولـى الغرف هـذا الـذي حيـن جانـا بالرسـالة فـي
بطحــاء مكــة عــم النــور بطحاهــا
ترتــاح ذكراهـا وحـش السـهل والـوعر لـم لا وهـو المصـطفى المختـار من مضر
ســمت بــه أرضـه فـي البـدو والحضـر لــم يبــق مــن شــجرٍ فيهـا ولا حجـر
إلا تحيـــه نطقـــاً حيـــن يلقاهـــا
أضـــحى ســـنام العلا للمجــد منتعلا فـــاق النـــبيين فــي أخلاقــه وعلا
شــكى لــه الظــبى يــاللَه مـا فعلا وكلمتـــه جمـــا ذات الوجــود علــى
علـــمٍ كــأن لهــا جســماً وأفواهــا
يـــا حبــذا مصــطفىً آيــاته وضــحت ســمحٌ جميــع المعــالي بــابه طمحـت
هــادٍ نفــوس البرايــا نحــوه جنحـت والطيــر والــوحش والأملاك مــا برحـت
تهــدي الســلام لــه كـي ترضـي اللَـه
مـاذات بـان النقـا قلـب الشـجي شـجت مــا نفـس وجـدٍ بـذكر المصـطفى لهجـت
مـا العيـش شـوقاً لـذياك الحمـاد لجت منـي السـلام علـى النـور الذي ابتهجت
بـــه الســموات لمــا جــاز أعلاهــا
منــي الســلام علــى بـدرٍ سـماه نـأت مــــن عينـــه ذا العلا رب الجلال رأت
جلــت عــن العيــب عـزت نفسـه بـرئت واستبشـــر العــرش والكرســي وامتلأت
حجــب الجلالــة نــوارً حيــن وافاهـا
يــا مـن لـه القـدم العليـاء مرحمـةً مــن ذي العلا واليـد البيضـاء منعمـةً
يــا مــن غـدت فضـله الأنبـا مترجمـةً يــا مـن لـه الكـوثر الفيـاض مكرمـةً
يـا خـاتم الرسـل يـا ياسـين يـا طـه
يــا فاتحــاً خاتمــاً فــاقت شـمائله يــا ماجــداً عــز أن تحصــى فضـائله
يــا مــن جميـع الـورى عمـت فواضـله مــا للنــبيين مــن وصــفٍ وليـس لـه
فمنتهـــى حســـنها فيـــه وحســناها
يــا مصـطفىً منتقـىً كـان الختـام بـه باشــا فـي الـورى ترجـى النجـاة بـه
يــا راحمــاً للملا أحضــى الملاذ بــه أنـت الـذي مـاله فـي الكـون مـن شبه
هيهــات أيــن ثراهــا مــن ثرياهــا
يـا ذا الهـدى والنـدا يا مصطفىً أزلا يـا مجتـبىً هـو فـي جيـد الزمـان حلا
يـــا طيبـــاً عـــذبت أخلاقـــه وحلا مــا نــال فضــلك ذو فضـلٍ سـواك ولا
ســـامى فخـــارك ذو فخـــر ولاضــاها
مــولى الفضــائل ذوراجٍ حمــاه كفــى كنــز المكـارم مـن عليـاه غيـر خفـي
نجــم الهدايــة مــأمولٌ يــداه تفـي فــرد الجلالــة مقبــول الشـفاعة فـي
يــوم القيامــة أعلـى الأنبيـا جاهـا
أرجــو الإلــه نجــاتي حســن منقلـبي حســن اختتــامي بيــومٍ لا يقـي حسـبي
بجــاه أحمــد أعلــى العجـم والعـرب مـــولى مــالي إلا حســن لطفــك بــي
فهــل لعينــي عينــاً منــك ترعاهــا
عبيــدك الشــيخ صــله بـالكرام ونـل آبــاءه والحواشــي مــن رضــاك ومـل
إليهــم بجنــاح العطــف منــك وقــل واشــمل بمرحمــةٍ عبــد الرحيـم وصـل
أهلاً وصــــحباً وأرحامــــاً لمولاهـــا
أرجــوك طــه بيــوم الحشــر لـم أرع فـاكرم مقـامي إذا لـم ينـج ذو الورع
بجــاه أحمـد فاسـعد فـي الـورى قـرع وانهــض بنفــسٍ إذا امتــك مــن بـرع
تبغــي الزيــارة عاقتهــا خطاياهــا
وارفـق بنفـس الهـوى ذابـت حشـاً ولها ترجــوك بــاللطف فضــلاً أن تعاملهــا
فاقبـــل تشـــبثها وارحــم تــذللها وهـب لهـا الأمـن في الدارين وارع لها
حســـن الظنــون لــدنياها وأخراهــا
يـا خيـر مـن بالأيـادي أنجـح الطلبـا أدرك مســـيئاً عليـــه لهــوه غلبــا
وارحـــم ذليلاً حقيــراً برقــه خلبــا واجعـــل لأمتـــك الخيــرات منقلبــا
يـــوم القيامــة والجنــات مأواهــا
أهـدي التحايـا لمـن فـوق السماء سما مــا نـاح ذو شـجنٍ نحـو العقيـق ومـا
ســـارٍ لطيبــة حــادٍ نحوهــا نغمــا صــلى عليــك إلهــي يــا محمــد مـا
دامــت إليــك الـورى تحـدو مطاياهـا
حيــــاك مــــولاك ذو الآلاء واســـعها يــا أحمــداً كاشــف الضـراء دافعهـا
هديـــةٌ لـــك روح القـــدس رافعهــا تحيـــةٌ ينثنـــي فـــي الآل طالعهــا
ســعداً ويفضــح ريــح المســك رياهـا
محمد بن الطاهر المجذوب
15 قصيدة
1 ديوان

محمد بن الطاهر المجذوب.

شاعر سوداني، ولد في سواكن وتعلم في الحجاز، كان من رجال الأمير عثمان دقنة، وتوفي ببلدة الحمري.

في شعره سبك حسن ومعان أوحتها ثورة المهدي السوداني وحروب عثمان دقنة.

له (ديوان شعر - ط).

1929م-
1348هـ-