ثاني كتب المقامات شهرة وأجلها أثراً، لم يلق واحد منها ما لقيه من عناية العلماء به، وتنافسِ الأمراء باقتناء نسخه. قال حاجي خليفة: كتاب لا يحتاج إلى تعريف لشهرته، وقد قال الزمخشري في مدحه وهو من معاصري الحريري: أقســـــــم بالله وآياته ومشعر الحج وميقاته أن الحريري حريٌّ بأن نَكتُبَ بالتبر مقاماته وهو الكتاب الرابع من كتب المقامات حسب التسلسل التاريخي، وأولها: مقامات بديع الزمان، وثانيها: مقامات أبي النصر عبد العزيز بن عمر السعدي المتوفى سنة ...
قال الصفدي في مقدمة كتابه (نصرة الثائر) أثناء حديه عن مقامات الحريري: (وناهيك بكتاب اشتهر، وضرب به المثل، وأصبح إحدى الأثافي في علم الأدب، وأصبحت ألفاظه ومعانيه حجة، ونقلت بها النسخ عدد حروفها. ((وسار مسير الشمس في كل موضعٍ =وهبّ هبوب الريح في البر والبحر))
وما رأيت ولا سمعت بمن أخذ جزءاً من ترسل، وقرأه على شيخ وحفظه وطلب به الرواية وعلق عليه حواشي لغة وإعراب ومعان. وقد وضع الناس الشروح المبسوطة على المقامات مثل المسعودي فإن له عليها شرحين، والمطرز وابن الأنباري وأبي البقاء وغيرهم ولقد رأيت بعضهم يزعم أنها رموز في الكيمياء، ويحكى أن الفرنج يقرؤونها على ملوكهم بلسانهم ويصورونها ويتنادمون بحكاياتها. ...إلخ)